استعمال عمر بن الخطّاب











استعمال عمر بن الخطّاب



1029- تاريخ اليعقوبي: اعتلّ أبو بکر في جمادي الآخرة سنة (13). فلمّا اشتدّت به العلّة عهد إلي عمر بن الخطّاب، فأمر عثمانَ أن يکتب عهده، وکتب:

بسم اللَّه الرحمن الرحيم. هذا ما عهد أبو بکر خليفة رسول اللَّه إلي المؤمنين والمسلمين: سلام عليکم، فإنّي أحمد إليکم اللَّه؛ أمّا بعدُ فإنّي قد استعملت عليکم عمر بن الخطّاب، فاسمعوا وأطيعوا، وإنّي ما ألَوْتکم[1] نُصحاً.

والسلام[2] .

[صفحه 83]

1030- تاريخ الطبري عن محمّد بن إبراهيم بن الحارث: دعا أبو بکر عثمانَ خالياً،[3] فقال: اکتب:

بسم اللَّه الرحمن الرحيم. هذا ما عهد أبو بکر بن أبي قحافة إلي المسلمين؛ أمّا بعدُ.

قال: ثمّ اُغمي عليه، فذهب عنه، فکتب عثمان: أمّا بعدُ؛ فإنّي قد استخلفت عليکم عمر بن الخطّاب، ولم آلُکم خيراً منه.

ثمّ أفاق أبو بکر فقال: اقرأْ عليّ، فقرأ عليه، فکبّر أبو بکر وقال: أراک خِفتَ أن يختلف الناس إن افتُلِتتْ[4] نفسي في غَشْيتي! قال: نعم. قال: جزاک اللَّه خيراً عن الإسلام وأهله! وأقرّها أبو بکر من هذا الموضع[5] .

1031- تاريخ المدينة عن أسلم: کتب عثمان عهد الخليفة بعد أبي بکر، وأمره ألّا يسمّي أحداً، وترک اسم الرجل، فاُغمي علي أبي بکر إغماءة، فأخذ عثمان العهد فکتب فيه اسم عمر. قال: فأفاق أبو بکر فقال: أرِني العهد، فإذا فيه اسم عمر. قال: من کتب هذا؟ فقال عثمان: أنا. فقال: رحمک اللَّه وجزاک خيراً! فواللَّه لو کتبتَ نفسَک لکنتَ لذلک أهلاً[6] .

[صفحه 84]

1032- تاريخ الطبري عن قيس: رأيتُ عمر بن الخطّاب وهو يجلس والناس معه، وبيده جَريدة، وهو يقول: أيّها الناس! اسمعوا وأطيعوا قول خليفة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله؛ إنّه يقول: إنّي لم آ لُکم نُصحاً. قال: ومعه مولي لأبي بکر يقال له شديد، معه الصحيفة التي فيها استخلاف عمر[7] .

1033- الإمامة والسياسة- في ذکر کتابة استخلاف عمر-: خرج عمر بالکتاب وأعلمهم، فقالوا: سمعاً وطاعة، فقال له رجل: ما في الکتاب يا أبا حفص؟ قال: لا أدري، ولکنّي أوّل من سمع وأطاع. قال: لکنّي واللَّه أدري ما فيه؛ أمّرتَه عام أوّل، وأمّرک العام![8] .

1034- شرح نهج البلاغة: إنّ أبا بکر لمّا نزل به الموت دعا عبد الرحمن بن عوف، فقال: أخبِرني عن عمر. فقال: إنّه أفضل من رأيک فيه، إلّا أنّ فيه غلظة.

فقال أبو بکر: ذاک لأنّه يراني رقيقاً، ولو قد أفضي الأمرُ إليه لترک کثيراً ممّا هو عليه، وقد رمقتُه؛ إذا أنا غضبت علي رجل أراني الرضي عنه، وإذا لِنْت له أراني الشدّة عليه.

ثمّ دعا عثمان بن عفّان فقال: أخبرني عن عمر، فقال: سريرته خيرٌ من علانيته، وليس فينا مثله. فقال لهما: لا تذکرا ممّا قلت لکما شيئاً، ولو ترکتُ عمر لما عَدَوتک يا عثمان، والخيرة لک ألّا تَلي من اُمورهم شيئاً، ولوددت أنّي کنت من اُمورکم خِلْواً، وکنت فيمن مضي من سلفکم.

[صفحه 85]

ودخل طلحة بن عبيد اللَّه علي أبي بکر فقال: إنّه بلغني أنّک يا خليفة رسول اللَّه استخلفتَ علي الناس عمر، وقد رأيتَ ما يلقي الناس منه وأنت معه، فکيف به إذا خلا بهم! وأنت غداً لاقٍ ربّک؛ فيسألک عن رعيّتک.

فقال أبو بکر: أجلسوني، ثمّ قال: أباللَّه تخوّفني؟! إذا لقيت ربّي فسألني قلت: استخلفت عليهم خير أهلک.

فقال طلحة: أعُمر خيرُ الناس يا خليفة رسول اللَّه؟! فاشتدّ غضبه وقال: إي واللَّه، هو خيرهم وأنت شرّهم! أما واللَّه لو ولّيتُک لجعلتَ أنفک في قَفاک، ولرفعتَ نفسک فوق قدرها، حتي يکون اللَّه هو الذي يضعها! أتيتني وقد دَلَکت عينک؛ تريد أن تفتنني عن ديني، وتزيلني عن رأيي! قُم، لا أقام اللَّه رجليک! أما واللَّه لئن عشتُ فُواقَ ناقة[9] وبلغني أنّک غَمَصتَه[10] فيها أو ذکرتَه بسوء لاُلحقنّک بمحْمضات قُنّة،[11] حيث کنتم تُسقون ولا تَرْوَون، وتَرْعَون ولا تشبعون، وأنتم بذلک بَجِحُون[12] راضون فقام طلحة فخرج[13] .

[صفحه 86]



صفحه 83، 84، 85، 86.





  1. يقال: إنّي لا آلُوکَ نُصْحاً، أي لا أفْتُرُ ولا اُقَصِّر (لسان العرب: 40:14).
  2. تاريخ اليعقوبي: 136:2.
  3. الخِلْو: المُنْفَرِد (النهاية: 74:2).
  4. افْتُلِتَ فلانٌ: أي ماتَ فجْأَةً (لسان العرب: 68:2).
  5. تاريخ الطبري: 429:3، الکامل في التاريخ: 79:2، نهاية الأرب: 152:19، الطبقات الکبري: 200:3، تاريخ دمشق: 411:30، تاريخ الإسلام للذهبي: 117:3 والثلاثة الأخيرة نحوه وراجع تاريخ المدينة: 668:2.
  6. تاريخ المدينة: 667:2، تاريخ دمشق: 252:44 عن عبداللَّه بن عمر، الأوائل لأبي هلال: 102 عن المدائني وکلاهما نحوه.
  7. تاريخ الطبري: 429:3، مسند ابن حنبل: 259:88:1 نحوه. وفي معالم الفتن: 326:1 «ياليت الفاروق قال ذلک يوم أن أمر النبيّ صلي الله عليه و آله أن يأتوه بصحيفة ليکتب لهم کتاباً لا يضلّوا بعده أبداً».
  8. الإمامة والسياسة: 38:1.
  9. أي قَدْرَ فُواق ناقةٍ، وهو ما بين الحَلْبَتَين من الراحَة (النهاية: 479:3).
  10. غَمَصَه: حَقَّرَه واستَصْغَره ولم يَرَهُ شيئاً (لسان العرب: 61:7).
  11. قال ابن منظور: المَحْمَض: الموضع الذي ترعي فيه الإبل الحَمْض. والحَمْض من النبات: کلّ نَبتٍ مالِحٍ أو حامضٍ يقوم علي سُوقٍ ولا أصل له (لسان العرب: 139:7 تا 138). وقال ياقوت: قُنَّةُ: منزل قريب من حومانة الدرّاج في طريق المدينة من البصرة. وقُنَّةُ: جبل في ديار بني أسد متّصل بالقنان (معجم البلدان: 409:4). ولعلّه قَصَد موضعاً بعينه.
  12. البَجَح: الفَرَح (تاج العروس: 5:4).
  13. شرح نهج البلاغة: 164:1، الطبقات الکبري: 199:3، تاريخ المدينة: 667:2، تاريخ الطبري: 428:3 و ص 433 إلي «خير اهلک» کُلّها نحوه.