كراهة اجتماع النبوّة والخلافة في بيت











کراهة اجتماع النبوّة والخلافة في بيت



1009- تاريخ الطبري عن ابن عبّاس: قال [عمر بن الخطّاب]: يابن عبّاس، أ تدري ما منع قومکم منهم [بني هاشم] بعد محمّد؟ فکرهت أن اُجيبه، فقلت: إن لم أکُن أدري فأمير المؤمنين يُدريني.

فقال عمر: کرهوا أن يجمعوا لکم النبوّة والخلافة، فتبجّحوا علي قومکم بجحاً بجحاً، فاختارت قريش لأنفسه، فأصابت ووفّقت.

فقلت: يا أميرالمؤمنين، إن تأذن لي في الکلام وتُمِط عنّي الغضب، تکلّمتُ. فقال: تکلّم يابن عبّاس.

[صفحه 67]

فقلت: أمّا قولک يا أميرالمؤمنين: «اختارت قريش لأنفسها، فأصابت ووفّقت»، فلو أنّ قريشاً اختارت لأنفسها حيث اختار اللَّه عزّوجلّ لها لکان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود. وأمّا قولک: إنّهم کرهوا أن تکون لنا النبوّة والخلافة، فإنّ اللَّه عزّوجلّ وصف قوماً بالکراهيّة فقال: «ذَ لِکَ بِأَنَّهُمْ کَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَلَهُمْ»[1] .

فقال عمر: هيهاتَ واللَّه يابن عبّاس، قد کانت تبلغني عنک أشياء کنتُ أکره أن أفرّک عنها،[2] فتُزيل منزلتک منّي.

فقلت: وما هي يا أميرالمؤمنين؛ فإن کانت حقّاً فما ينبغي أن تُزيل منزلتي منک، وإن کانت باطلاً فمثلي أماط الباطل عن نفسه!

فقال عمر: بلغني أنّک تقول: إنّما صرفوها عنّا حسداً وظلماً!

فقلت: أمّا قولک- يا أميرالمؤمنين-: ظلماً، فقد تبيّن للجاهل والحليم. وأمّا قولک: حسداً، فإنّ إبليس حسد آدم، فنحن ولده المحسودون.

فقال عمر: هيهات، أبَت واللَّه قلوبکم يا بني هاشم إلّا حسداً ما يحول، وضغناً وغشّاً ما يزول.

فقلت: مهلاً يا أميرالمؤمنين، لا تصِف قلوبَ قوم أذهب اللَّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً بالحسد والغشّ؛ فإنّ قلب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله من قلوب بني هاشم.

فقال عمر: إليک عنّي يابن عبّاس.

[صفحه 68]

فقلت: أفعل، فلمّا ذهبت لأقوم استحيا منّي، فقال: يابن عبّاس، مکانک، فوَاللَّه إنّي لراعٍ لحقّک، محبٌّ لما سرّک.

فقلت: يا أميرالمؤمنين، إنّ لي عليک حقّاً وعلي کلّ مسلم، فمن حفظه فحظّه أصاب، ومن أضاعه فحظّه أخطأ. ثمّ قام فمضي[3] .

1010- شرح نهج البلاغة: قال [عمر بن الخطّاب] لابن عبّاس: يا عبداللَّه، أنتم أهل رسول اللَّه، وآله، وبنو عمّه، فما تقول منع قومکم منکم؟ قال: لا أدري علّتها، واللَّه ما أضمرنا لهم إلّا خيراً.

قال: اللهمّ غفراً، إنّ قومکم کرهوا أن يجتمع لکم النبوّة والخلافة، فتذهبوا في السماء شَمَخاً[4] وبَذَخاً،[5] ولعلّکم تقولون: إنّ أبا بکر أوّل من أخّرکم، أما إنّه لم يقصد ذلک، ولکن حضر أمرٌ لم يکن بحضرته أحزم ممّا فعل، ولولا رأي أبي بکر فيَّ لجعل لکم من الأمر نصيباً، ولو فعل ما هنّأکم مع قومکم؛ إنّهم ينظرون إليکم نظر الثور إلي جازره[6] .



صفحه 67، 68.





  1. محمّد: 9.
  2. کذا، وفي الکامل في التاريخ: «اُقرّک عليها».
  3. تاريخ الطبري: 223:4، الکامل في التاريخ: 218:2.
  4. شمخَ الجبلُ: علا وارتفع وطال (تاج العروس: 283:4).
  5. البَذَخ: الکبر، والبَذَخ: تطاول الرجل بکلامه وافتخاره (لسان العرب: 7:3).
  6. شرح نهج البلاغة: 9:12؛ نثر الدرّ: 28:2 نحوه.