استنصار الإمام المهاجرين والأنصار











استنصار الإمام المهاجرين والأنصار



975- الإمامة والسياسة: خرج عليّ کرّم اللَّه وجهه يحمل فاطمة بنت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله علي دابّة ليلاً في مجالس الأنصار؛ تسألهم النصرةَ، فکانوا يقولون: يا بنت رسول اللَّه، قد مضت بيعتُنا لهذا الرجل، ولو أنّ زوجکِ وابن عمّک سبق إلينا قبل أبي بکر ما عدلنا به!

فيقول عليّ کرّم اللَّه وجهه: أفَکُنتُ أدَعُ رسولَ اللَّه صلي الله عليه و آله في بيته لم أدفنه، وأخرج اُنازع الناسَ سلطانَه؟!

فقالت فاطمة: ما صنع أبو الحسن إلّا ما کان ينبغي له، ولقد صنعوا ما اللَّه حسيبهم وطالبهم[1] .

976- کتاب سليم بن قيس: قال سلمان: فلمّا أن کان الليل حمل عليٌّ عليه السلام فاطمةَ عليهاالسلام علي حمار، وأخذ بيدَي ابنَيه الحسن والحسين عليهماالسلام، فلم يدَع أحداً من أهل بدر من المهاجرين ولا من الأنصار إلّا أتاه في منزله، فذکّرهم حقّه، ودعاهم إلي نُصرته، فما استجاب له منهم إلّا أربعة وأربعون رجلاً. فأمرهم أن يُصبحوا بکرةً مُحلّقين رؤوسهم معهم سلاحهم ليُبايعوا علي الموت، فأصبحوا، فلم يوافِ منهم أحد إلّا أربعة.

فقلت لسلمان: من الأربعة؟ فقال: أنا وأبو ذرّ والمقداد والزبير بن العوّام. ثمّ أتاهم عليّ عليه السلام من الليلة المقبلة، فناشدهم، فقالوا: نُصبحک بکرةً، فما

[صفحه 51]

منهم أحد أتاه غيرنا.

ثمّ أتاهم الليلةَ الثالثةُ فما أتاه غيرنا.

فلمّا رأي غدرَهم وقلّة وفائهم له لزم بيته، وأقبل علي القرآن يؤلّفه ويجمعه، فلم يخرج من بيته حتي جمعه[2] .

977- شرح نهج البلاغة: من کتاب معاوية المشهور إلي عليّ عليه السلام:

وأعهدک أمس تحمل قَعيدة بيتک ليلاً علي حمار، ويداک في يدَي ابنَيک الحسن والحسين يوم بويع أبو بکر الصدّيق، فلم تدَع أحداً من أهل بدر والسوابق إلّا دعوتهم إلي نفسک، ومشيتَ إليهم بامرأتک، وأدلَيتَ إليهم بابنيک، واستنصرتَهم علي صاحب رسول اللَّه! فلم يُجِبک منهم إلّا أربعة أو خمسة، ولعمري لو کنتَ مُحقّاً لأجابوک! ولکنّک ادّعيتَ باطلاً، وقلت ما لا تعرف، ورُمت ما لا يُدرک. ومهما نسيتُ فلا أنسي قولک لأبي سفيان لمّا حرّککَ وهيّجَک: لو وجدتُ أربعين ذوي عزم منهم لناهضتُ القوم. فما يوم المسلمين منک بواحد، ولا بغيک علي الخلفاء بطريف ولا مستبدع[3] .

978- تاريخ اليعقوبي: اجتمع جماعة إلي عليّ بن أبي طالب يدعونه إلي البيعة له، فقال لهم: اغدوا علي هذا مُحلّقين الرؤوس. فلم يغدُ عليه إلّا ثلاثة نفر[4] .

979- الکافي عن أبي الهيثم بن التيّهان: أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام خطب الناس

[صفحه 52]

بالمدينة فقال: أما والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، لو اقتبستم العلم من معدنه، وشربتم الماء بعذوبته، وادّخرتم الخير من موضعه، وأخذتم الطريق من واضحه، وسلکتم من الحقّ نهجه، لنَهجت بکم السبل، وبدت لکم الأعلام، وأضاء لکم الإسلام، فأکلتم رغداً،[5] وما عالَ فيکم عائل، ولا ظُلم منکم مسلم ولا معاهد.... رُويداً، عمّا قليل تَحصدون جميع ما زرعتم، وتجدون وخيمَ[6] ما اجترمتم وما اجتلبتم. والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، لقد علمتم أنّي صاحبکم والذي به اُمرتم، وأنّي عالمکم والذي بعلمه نجاتُکم، ووصيّ نبيّکم، وخيرة ربّکم، ولسان نورکم، والعالم بما يصلحکم، فعن قليل رويداً ينزل بکم ما وُعدتم، وما نزل بالاُمم قبلکم، وسيسألکم اللَّه عزّوجلّ عن أئمّتکم، معهم تُحشرون، وإلي اللَّه عزّوجلّ غداً تصيرون. أما واللَّه لو کان لي عدّة أصحاب طالوت، أو عدّة أهل بدر وهم أعداؤکم، لضربتُکم بالسيف حتي تؤولوا إلي الحقّ، وتنيبوا للصدق، فکان أرتق للفتق،[7] وآخذ بالرفق، اللهمّ فاحکم بيننا بالحقّ وأنت خير الحاکمين.

قال: ثمّ خرج من المسجد فمرّ بصِيرَة[8] فيها نحو من ثلاثين شاة، فقال:

[صفحه 53]

واللَّه لو أنّ لي رجالاً ينصحون للَّه عزّوجلّ ولرسوله بعدد هذه الشياه لأزلتُ ابن آکلة الذبّان عن ملکه.

فلمّا أمسي بايعه ثلاثمائة وستّون رجلاً علي الموت، فقال لهم أميرالمؤمنين عليه السلام: اغدوا بنا إلي أحجار الزيت[9] مُحلّقين. وحلق أميرالمؤمنين عليه السلام، فما وافي من القوم مُحلّقاً إلّا أبو ذرّ والمقداد وحذيفة بن اليمان وعمّار بن ياسر، وجاء سلمان في آخر القوم. فرفع يده إلي السماء فقال:

اللهمّ إنّ القوم استضعفوني کما استضعفت بنو إسرائيل هارونَ، اللهمّ فإنّک تعلم ما نُخفي وما نُعلن، وما يخفي عليک شي ء في الأرض ولا في السماء، توفّني مسلماً وألحقني بالصالحين[10] .



صفحه 51، 52، 53.





  1. الإمامة والسياسة: 29:1، شرح نهج البلاغة: 13:6 عن الجوهري عن عبداللَّه بن عبد الرحمن عن الإمام الباقر عليه السلام نحوه.
  2. کتاب سليم بن قيس: 4:580:2، الاحتجاج: 38:206:1.
  3. شرح نهج البلاغة: 47:2، وللاطّلاع علي جواب الإمام عليه السلام راجع: القسم السادس/وقعة صفّين/حرب الدعاية.
  4. تاريخ اليعقوبي: 126:2.
  5. رغداً: أي کثيراً واسعاً بلا عناء (مجمع البحرين: 714:2).
  6. هذا الأمر وخيم العاقبة، أي ثقيل ردي ء (النهاية: 164:5).
  7. فتقتُ الشي ء فتقاً: شققتهُ، والفتق (أيضاً): شقّ عصا الجماعة ووقوع الحرب بينهم والرتق ضدّ الفتق (الصحاح: 1480،1539:4).
  8. الصِّيرَة: حظيرة من خشب وحجارة تبني للغنم والبقر، والجمع: صِيرٌ وصِيَرٌ (لسان العرب: 478:4).
  9. أحجار الزيت: موضع بالمدينة (معجم البلدان: 109:1).
  10. الکافي: 5:32:8 عن أبي الهيثم بن التيّهان.