مقتل عثمان











مقتل عثمان



1262- تاريخ الطبري عن حسين بن عيسي عن أبيه: لمّا مضت أيّام التشريق، أطافوا بدار عثمان، وأبي إلّا الإقامة علي أمره. وأرسل إلي حَشَمه وخاصّته فجمعهم.

[صفحه 265]

فقام رجل من أصحاب النبيّ صلي الله عليه و آله يقال له: نيار بن عياض- وکان شيخاً کبيراًفنادي: يا عثمان فأشرف عليه من أعلي داره، فناشده اللَّه، وذکّره اللَّه لمّا اعتزلهم. فبينا هو يراجعه الکلام إذ رماه رجل من أصحاب عثمان فقتله بسهم، وزعموا أنّ الذي رماه کثير بن الصلت الکندي.

فقالوا لعثمان عند ذلک: ادفع إلينا قاتل نيار بن عياض؛ فلنقتله به.

فقال: لم أکُن لأقتل رجلاً نصرني، وأنتم تريدون قتلي.

فلمّا رأوا ذلک ثاروا إلي بابه فأحرقوه، وخرج عليهم مروان بن الحکم من دار عثمان في عصابة، وخرج سعيد بن العاص في عصابة، وخرج المغيرة بن الأخنس ابن شريق الثقفي- حليف بني زهرة- في عصابة، فاقتتلوا قتالاً شديداً.

وکان الذي حداهم علي القتال أنّه بلغهم أنّ مدداً من أهل البصرة قد نزلوا صراراً- وهي من المدينة علي ليلة، وأنّ أهل الشام قد توجّهوا مقبلين، فقاتلوهم قتالاً شديداً علي باب الدار[1] .

1263- تاريخ المدينة عن مولي سهل بن يسار عن أبيه- بعد کلام عثمان وإمساک الناس عن قتله-: رمي يزيد أوأبو حفصة- غلام مروان- رجلاً من أسلم بسهم فقتله.فاستأذنوا علي عثمان، فأذِن لهم، فأدخلوا الأسلمي مقتولاً، فقالوا: زعمت أنّک لا تقاتل، وهذا صاحبنا مقتولاً، قتله رجل من أصحابک!

فأقِدنا[2] .

[صفحه 266]

قال: ما لکم قَوَد قِبَلَه؛ رجل دفع عن نفسه أن تقتلوه، ولم آمره بقتال. وقال: زعمتم أنّه ليس عليکم طاعة، ولا أنا لکم بإمام فيما تقولون، وإنّما القود إلي الإمام!![3] .

1264- تاريخ الطبري عن أبي حفصة اليماني: کنت معه [مروان] في الدار، فأنا واللَّه أنشبتُ القتالَ بين الناس؛ رميتُ من فوق الدار رجلاً من أسلم، فقتلتُه، وهو نيار الأسلمي، فنشب القتال، ثمّ نزلتُ، فاقتتل الناس علي الباب، وقاتلَ مروان حتي سقط، فاحتملتُه، فأدخلتُه بيت عجوز، وأغلقتُ عليه.

وألقي الناس النيران في أبواب دار عثمان، فاحترق بعضها.

فقال عثمان: ما احترق الباب إلّا لما هو أعظم منه، لا يحرّکنّ رجل منکم يده... ثمّ قال لمروان: اجلس فلا تخرج. فعصاه مروان، فقال: واللَّه لا تُقتل، ولا يُخلص إليک، وأنا أسمع الصوت. ثمّ خرج إلي الناس.

فقلت: ما لمولاي مُتَّرک! فخرجت معه أذبّ عنه، ونحن قليل، فأسمع مروان يتمثّل:

قد عَلِمتْ ذاتُ القُرونِ الميل
والکفّ والأنامل الطفول


ثمّ صاح: من يبارز- وقد رفع أسفل درعه، فجعله في منطقته؟

قال: فيثب[4] إليه ابن النباع، فضربه ضربة علي رقبته من خلفه، فأثبته حتي سقط، فما ينبض منه عرق[5] .

[صفحه 267]

1265- مروج الذهب: کانت مدّة ما حوصر عثمان في داره تسعة[6] وأربعين يوماً، وقيل: أکثر من ذلک. وقتل في ليلة الجمعة لثلاث بقين من ذي الحجّة.

وذکر: أنّ أحد الرجلين- کنانة بن بشر التجيبي- ضربه بعمود علي جبهته، والآخر منهما- سعد بن حمران المرادي ضربه بالسيف علي حبل عاتقه، فحلّه.

وقد قيل: إنّ عمرو بن الحمق طعنه بسهامٍ تسعَ طعنات. وکان فيمن مال عليه عمير بن ضابئ البرجمي التميمي، وخضخض سيفه في بطنه[7] .

1266- تاريخ الطبري عن عبد الرحمن بن أبزي: رأيت اليوم الذي دُخل فيه علي عثمان، فدخلوا من دار عمرو بن حزم خَوخَةً[8] هناک، حتي دخلوا الدار، فناوشوهم شيئاً من مناوشة، ودخلوا، فوَاللَّه ما نسينا أن خرج سودان بن حمران، فأسمعه يقول: أين طلحة بن عبيد اللَّه؟ قد قتلنا ابن عفّان![9] .



صفحه 265، 266، 267.





  1. تاريخ الطبري: 382:4 وراجع الکامل في التاريخ: 291:2.
  2. القَوَد: القصاص وقتلُ القاتِل بدل القتيل، وقد أقَدْتُه به، اُقيده إقادةً، واستقدتُ الحاکمَ: سألتُه أن يُقيدني (النهاية: 119:4).
  3. تاريخ المدينة: 1193:4.
  4. کذا، والظاهر أنّها تصحيف: «فوثب».
  5. تاريخ الطبري: 379:4.
  6. في المصدر: «تسعاً»، وهو تصحيف.
  7. مروج الذهب: 355:2 وراجع تاريخ دمشق: 409:39 وتاريخ الطبري: 393:4 و394 وشرح نهج البلاغة: 157:2 و158.
  8. الخَوخَة: کُوّة في البيت تؤدّي إليه الضوء (لسان العرب: 14:3).
  9. تاريخ الطبري: 379:4.