خيانة بطانة السوء











خيانة بطانة السوء



1218- تاريخ الطبري عن العلاء بن عبداللَّه بن زيد العنبري: أرسل عثمان إلي

[صفحه 237]

معاوية بن أبي سفيان، وإلي عبداللَّه بن سعد بن أبي سرح، وإلي سعيد بن العاص، وإلي عمرو بن العاص بن وائل السهمي، وإلي عبداللَّه بن عامر، فجمعهم ليشاورهم في أمره وما طُلب إليه وما بلغه عنهم، فلمّا اجتمعوا عنده قال لهم: إن لکلّ امرئ وزراء ونصحاء، وإنّکم وزرائي ونُصحائي وأهل ثقتي، وقد صنع الناس ما قد رأيتم، وطلبوا إليّ أن أعزل عمّالي وأن أرجع عن جميع ما يکرهون إلي ما يحبّون، فاجتهِدوا رأيکم وأشيروا عليّ.

فقال له عبداللَّه بن عامر: رأيي لک يا أميرالمؤمنين أن تأمرهم بجهاد يشغلهم عنک، وأن تُجمّرهم[1] في المغازي حتي يذلّوا لک، فلا يکون همّة أحدهم إلّا نفسه وما هو فيه من دبرة دابته وقمل فَرْوِه.

ثمّ أقبل عثمان علي سعيد بن العاص فقال له: ما رأيک؟ قال: يا أميرالمؤمنين إن کنت تري رأينا فاحسم عنک الداء، واقطع عنک الذي تخاف، واعمل برأيي تُصِب. قال: وما هو؟ قال: إنّ لکلّ قوم قادة متي تهلک يتفرّقوا ولا يجتمع لهم أمر، فقال عثمان: إنّ هذا الرأي لولا ما فيه.

ثمّ أقبل معاوية فقال: ما رأيک؟ قال: أري لک يا أميرالمؤمنين أن تردّ عمّالک علي الکفاية لما قِبَلهم، وأنا ضامن لک قِبَلي.

ثمّ أقبل علي عبداللَّه بن سعد فقال: ما رأيک؟ قال: أري يا أميرالمؤمنين أنّ الناس أهل طمع فأعطِهم من هذا المال تعطفْ عليک قلوبهم.

ثمّ أقبل علي عمرو بن العاص فقال له: ما رأيک؟ قال: أري أنّک قد رکبت الناس بما يکرهون، فاعتزم أن تعتدل؛ فإن أبيت فاعتزم أن تعتزل؛ فإن أبيت

[صفحه 238]

فاعتزم عزماً وامض قُدُماً.

فقال عثمان: مالک قَمِل فَرْوُک؟! أهذا الجدّ منک؟ فأسکت عنه دهراً، حتي إذا تفرّق القوم قال عمرو: لا واللَّه يا أميرالمؤمنين، لأنت أعزّ عليّ من ذلک، ولکن قد علمت أن سيبلغ الناس قولُ کلّ رجل منّا، فأردت أن يبلغهم قولي فيثقوا بي، فأقود إليک خيراً أو أدفع عنک شرّاً... فردّ عثمان عمّاله علي أعمالهم، وأمرهم بالتضييق علي من قِبَلهم، وأمرهم بتجمير الناس في البعوث، وعزم علي تحريم أعطياتهم ليطيعوه ويحتاجوا إليه[2] .

راجع: نقض التوبة والمعاهدة.



صفحه 237، 238.





  1. تجمير الجيش: جمعهم في الثغور، وحبسهم عن العود إلي أهلهم (النهاية: 292:1).
  2. تاريخ الطبري: 333:4 وراجع مروج الذهب: 346:2.