بحث حول حديث ردّ الشمس











بحث حول حديث ردّ الشمس



ذلک الذي مضي سجّل للإمام أميرالمؤمنين عليه السلام فضيلة عظيمة ومنقبة متألّقة. والحقّ أنّ فهم تلک المنقبة الکريمة والإيمان بها صعب شاقّ إلّا لذوي البصيرة الذين تفي ءُ نفوسهم إلي جلال الحقيقة، والقلوب المغموسة بنور الحقّ الوضّاء.

وعلي العکس اُولئک الذين انکفأت بهم البصيرة ، فاختاروا في حياتهم مناهضة الفضيلة، وصدّوا عن کلّ ما يکون عنوانه منقبةً لعليّ عليه السلام، فراحوا يخفضون من شأنه، وينالون منه بأقاويل واهية.

لمواجهة موقف کهذا مجانب للحقّ والصواب، سجّل التاريخ جهود عدد من المحدِّثين والمؤرِّخين والباحثين المتمرّسين (من الشيعة والسنّة) همّهم تحرّي الحقيقة، ورائدهم الإخلاص للحقّ؛ توفّروا علي دراسة الواقعة، وتتبّع أنبائها، وضبط طرقها المختلفة علي أدقّ وجه؛ دفاعاً عن حياض الحقّ وصوناً لحرمته.

وما نصبو إلي تقديمه في هذا المجال الضيّق هو أن نبيّن من جهةٍ الشهرة التي تحظي بها طرق الواقعة ورواياتها، وأن نتعرّض من جهة اُخري لبعض الإيرادات والإشکالات ونُجيب عليها.

[صفحه 92]

لکن قبل ذلک يحسن التذکير بالملاحظتين التاليتين:

الاُولي: لمّا کانت دائرة النقد والردود ترتبط بواقعة «ردّ الشمس» علي عهد رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم، ولمّا کانت النقطة الأکثر أهمّية علي هذا الصعيد هي إثبات أصل «ردّ الشمس»، فسنجعل محور البحث في هذه السطور مرکّزاً علي واقعة «ردّ الشمس» في عهد رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم، رغم أنّ الإشکالات لها غالباً صلة بالواقعتين معاً.

الثانية: تتحلّي بعض الحوادث والظواهر بموقع يتخطّي العقل الإنساني العادي والفهم البشري المحدود، سواء من حيث الوقوع أو من حيث الطبيعة والکيفيّة. وعمليّة إثبات مثل هذه الوقائع ينبغي أن تستند إلي النصوص الثابتة والأخبار الصحيحة المتقنة، کما ينبغي التأکيد في عمليّة نقل خبر الواقعة إلي الأجيال اللاحقة علي الطرق التي تبعث علي الاطمئنان.

کما من البديهي أن يُلحظ في الواقعة ألّا تکون مستحيلة عقلاً.

أمّا لو سعي البعض إلي تحليل أمثال هذه الحوادث التي مرّ ذکرها من خلال محدّدات العقل العادي، وتفسيرها علي ضوء اُطر الفهم الإنساني المألوف؛ فلن يُفضي ذلک إلي نتيجة.

بعد هاتين الملاحظتين، نمرّ علي البحث من خلال المحورين التاليين:



صفحه 92.