الامتناع من البراءة











الامتناع من البراءة



6369- تاريخ الطبري عن أبي مخنف- في بيان مقتل حجر بن عدي وأصحابه-: جاء رسول معاوية إليهم بتخلية ستّة وبقتل ثمانية، فقال لهم رسول معاوية: إنّا قد اُمرنا أن نعرض عليکم البراءة من عليّ واللعن له، فإن فعلتم ترکناکم، وإن أبيتم

[صفحه 385]

قتلناکم، وإنّ أميرالمؤمنين يزعم أنّ دماءکم قد حلّت له بشهادة أهل مصرکم عليکم، غير أنّه قد عفا عن ذلک، فابرؤوا من هذا الرجل نُخلِّ سبيلکم.

قالوا: اللهمّ إنّا لسنا فاعلي ذلک. فأمر بقبورهم فحفرت، واُدنيت أکفانهم، وقاموا الليل کلّه يصلّون، فلمّا أصبحوا قال أصحاب معاوية: يا هؤلاء، لقد رأيناکم البارحة قد أطلتم الصلاة، وأحسنتم الدعاء، فأخبرونا ما قولکم في عثمان؟

قالوا: هو أوّل من جار في الحکم، و عمل بغير الحقّ.

فقال أصحاب معاوية: أميرالمؤمنين کان أعلم بکم، ثمّ قاموا إليهم فقالوا: تبرؤون من هذا الرجل؟

قالوا: بل نتولّاه ونتبرّأ ممّن تبرّأ منه.

فأخذ کلّ رجل منهم رجلاً ليقتله، و وقع قبيصة بن ضبيعة في يدي أبي شريف البدّي، فقال له قبيصة: إنّ الشرّ بين قومي و قومک أمن، فليقتلني سواک، فقال له: برّتک رَحِم! فأخذ الحضرمي فقتله، و قتل القضاعي قبيصة بن ضبيعة.

قال: ثمّ إن حُجراً قال لهم: دعوني أتوضّأ، قالوا له: توضّأ، فلمّا أن توضّأ قال لهم: دعوني اُصلِّ رکعتين، فأيمنُ اللَّه ما توضّأت قطّ إلّا صلّيت رکعتين.

قالوا: لتصلّ.

فصلّي ثمّ انصرف فقال: واللَّه ما صلّيت صلاة قطّ أقصر منها، ولولا أن تروا أنّ ما بي جزع من الموت لأحببت أن أستکثر منها، ثمّ قال: اللهمّ إنّا نستعديک علي اُمّتنا، فإنّ أهل الکوفة شهدوا علينا، وإنّ أهل الشام يقتلوننا، أما واللَّه لئن قتلتموني بها إنّي لأوّل فارس من المسلمين هلک في واديها، وأوّل رجل من

[صفحه 386]

المسلمين نبحته کلابها.

فمشي إليه الأعور هدبة بن فيّاض بالسيف، فأرعدت خصائله، فقال: کلّا، زعمت أنّک لا تجزع من الموت، فأنا أدعک فابرأ من صاحبک.

فقال: ما لي لا أجزع وأنا أري قبراً محفوراً، وکفناً منشوراً، وسيفاً مشهوراً، وإنّي واللَّه إن جزعت من القتل لا أقول ما يسخط الربّ. فقتله، وأقبلوا يقتلونهم واحداً واحداً حتي قتلوا ستّة.[1] .

راجع: القسم السادس عشر/ رشيد.

[صفحه 387]



صفحه 385، 386، 387.





  1. تاريخ الطبري: 275:5، الکامل في التاريخ: 497:2 نحوه وراجع أنساب الأشراف: 266:5.