امتناع الناس من سبّه











امتناع الناس من سبّه



6360- تاريخ اليعقوبي- في حوادث سنة (44 ه )-: في هذه السنة عمل معاوية المقصورة في المسجد، وأخرج المنابر إلي المصلّي في العيدين، وخطب الخطبة قبل الصلاة، وذلک أنّ الناس إذا صلّوا انصرفوا لئلّا يسمعوا لعن عليّ، فقدّم معاوية الخطبة قبل الصلاة، ووهب فدکاً لمروان بن الحکم ليغيظ بذلک آل رسول اللَّه.[1] .

6361- رجال الکشّي عن عاصم بن أبي النجود عمّن شهد ذلک: إنّ معاوية حين قدم الکوفة دخل عليه رجال من أصحاب عليّ عليه السلام، وکان الحسن عليه السلام قد أخذ

[صفحه 381]

الأمان لرجال منهم مسمّين بأسمائهم و أسماء آبائهم، و کان فيهم صعصعة.

فلمّا دخل عليه صعصعة قال معاوية لصعصعة: أما واللَّه إنّي کنت لأبغض أن تدخل في أماني، قال: وأنا واللَّه أبغض أن أسميک بهذا الاسم، ثمّ سلّم عليه بالخلافة.

قال: فقال معاوية: إن کنتَ صادقاً فاصعد المنبر فالعن عليّاً! قال:

فصعد المنبر و حمداللَّه وأثني عليه، ثمّ قال: أيّها الناس، أتيتکم من عند رجل قدّم شرّه و أخّر خيره، و أنّه أمرني أن ألعن عليّاً فالعنوه لعنه اللَّه، فضجّ أهل المسجد بآمين.

فلمّا رجع إليه فأخبره بما قال، ثمّ قال: لا واللَّه ما عنيتَ غيري، ارجع حتي تسمّيه باسمه.

فرجع وصعد المنبر، ثمّ قال: أيّها الناس، إن أميرالمؤمنين أمرني أن ألعن عليّ بن أبي طالب فالعنوا من لعن عليّ بن أبي طالب. قال: فضجّوا بآمين.

فلمّا خُبِّر معاوية قال: لا واللَّه ما عني غيري، أخرجوه لا يساکنني في بلد، فأخرجوه.[2] .

6362- الأذکياء: قامت الخطباء إلي المغيرة بن شعبة بالکوفة، فقام صعصعة بن صوحان فتکلّم، فقال المغيرة: أرجئوه فأقيموه علي المصطبة فليلعن عليّاً.

فقال: لعن اللَّه من لعن اللَّه ولعن عليّ بن أبي طالب، فأخبروه بذلک، فقال: اُقسم باللَّه لتعيدنّه. فخرج فقال: إنّ هذا يأبي إلّا عليّ بن أبي طالب فالعنوه لعنه

[صفحه 382]

اللَّه، فقال المغيرة: أخرجوه أخرج اللَّه نفسه.[3] .

6363- شرح نهج البلاغة: أمر المغيرة بن شعبة- وهو يومئذٍ أمير الکوفة من قبل معاوية- حُجر بن عدي أن يقوم في الناس فليلعن عليّاً عليه السلام، فأبي ذلک، فتوعّده، فقام فقال: أيّها الناس، إنّ أميرکم أمرني أن ألعن عليّاً فالعنوه. فقال أهل الکوفة: لعنه اللَّه. و أعاد الضمير إلي المغيرة بالنية والقصد.[4] .

6364- العقد الفريد عن أبي الحُباب الکندي عن أبيه: إنّ معاوية بن أبي سفيان بينما هو جالس وعنده وجوه الناس، إذ دخل رجلٌ من أهل الشام فقام خطيباً، فکان آخر کلامه أن لعن عليّاً، فأطرق الناس وتکلّم الأحنف، فقال: يا أميرالمؤمنين، إنّ هذا القائل ما قال آنفاً، لو يعلم أنّ رضاک في لعن المرسلين للعنهم، فاتّقِ اللَّه ودع عنک عليّاً، فقد لقي ربّه، واُفرد في قبره، وخلا بعمله، وکان واللَّه [ما علمنا] المبرِّز بسبقه، الطاهر خُلقه، الميمون نقيبته،[5] العظيم مصيبته.

فقال له معاوية: يا أحنف، لقد أغضيتَ العين علي القذي، و قلتَ بغير ما تري، وايم اللَّه لتصعدنّ المِنبر فلتلعنّه طوعاً أو کَرهاً.

فقال له الأحنف: يا أميرالمؤمنين، إن تُعفني فهو خيرٌ لک، وإن تجبرني علي ذلک فواللَّه لا تجري به شفتاي أبداً، قال: قم فاصعد المنبر، قال الأحنف: أما واللَّه مع ذلک لاُنصفنّک في القول والفعل، قال: وما أنت قائل يا أحنف إن أنصفتني؟ قال: أصعد المنبر فأحمد اللَّه بما هو أهله، واُصلّي علي نبيّه صلي الله عليه و سلم، ثمّ أقول: أيّها الناس، إنّ أميرالمؤمنين معاوية أمرني أن ألعن عليّاً، وإنّ عليّاً ومعاوية اختلفا

[صفحه 383]

فاقتتلا، وادّعي[6] کلّ واحد منهما أنّه بُغي عليه وعلي فئته، فإذا دعوت فأمّنوا رحمکم اللَّه.

ثمّ أقول: اللهمّ العن أنت وملائکتک وأنبياؤک وجميع خلقک الباغي منهما علي صاحبه، والعن الفئة الباغية، اللهمّ العنهم لعناً کثيراً، أمّنوا رحمکم اللَّه. يا معاوية،أزيد علي هذا و لا أنقص منه حرفاً و لو کان فيه ذهاب نفسي. فقال معاوية: إذن نُعفيک يا أبابحر.[7] .

6365- أنساب الأشراف عن الأعمش: رأيت عبدالرحمن بن أبي ليلي وقفه الحجّاج فقال: العن الکذّابين عليّاً، وعبداللَّه بن الزبير، والمختار بن أبي عبيد، فقال: لعن اللَّه الکذّابين ثمّ ابتدأ فقال: عليّ بن أبي طالب، وعبداللَّه بن الزبير، والمختار بن أبي عبيد. قال: فعلمت أنّه حين ابتدأهم ورفعهم أنّه لم يلعنهم.[8] .

6366- الأذکياء: ضرب الحجّاج عبدالرحمن بن أبي ليلي وأقامه للناس، و معه رجل يحثّه و يقول: العن عليّاً، فيقول: اللهمّ العن الکذّابين. ثمّ يسکت و يقول: آه عليّ بن أبي طالب. ثمّ يسکت، ثمّ يقول: المختار وابن الزبير.[9] .

6367- الطبقات الکبري عن سعد بن محمّد بن الحسن بن عطيّة: جاء سعد بن جنادة إلي عليّ بن أبي طالب وهو بالکوفة، فقال: يا أميرالمؤمنين، إنّه ولد لي غلام فسمّه. قال: هذا عطيّة اللَّه. فسمّي عطيّة.[10] و کانت اُمّه اُمّ ولد روميّة.

[صفحه 384]

و خرج عطيّة مع ابن الأشعث علي الحجّاج، فلمّا انهزم جيش ابن الأشعث هرب عطيّة إلي فارس، فکتب الحجّاج إلي محمّد بن القاسم الثقفي: أن ادع عطيّة، فإن لعن عليّ بن أبي طالب و إلّا فاضربه أربعمائة سوط واحلق رأسه ولحيته. فدعاه فأقرأه کتاب الحجّاج، فأبي عطيّة أن يفعل، فضربه أربعمائة سوط وحلق رأسه ولحيته.[11] .



صفحه 381، 382، 383، 384.





  1. تاريخ اليعقوبي: 223:2.
  2. رجال الکشّي: 123:285:1.
  3. الأذکياء: 159.
  4. شرح نهج البلاغة: 58:4.
  5. ميمون النقيبة: مبارک النفس، مظفَّر بما يحاول (لسان العرب: 768:1).
  6. في المصدر: «وأدّي»، والتصحيح من جواهر المطالب.
  7. العقد الفريد: 87:3، نهاية الأرب: 237:7، جواهر المطالب: 231:2.
  8. أنساب الأشراف: 405:2 و راجع رجال الکشّي: 160:318:1.
  9. الأذکياء: 159.
  10. هو عطيّة بن سعد بن جنادة العوفي، من أعلام التابعين. وهو أوّل من زار قبر الإمام الحسين عليه السلام مع جابر بن عبد اللَّه الأنصاري.
  11. الطبقات الکبري: 304:6.