امرأة نفت عنها ولدها











امرأة نفت عنها ولدها



5745- الکافي عن عاصم بن حمزة السلولي: سمعت غلاماً بالمدينة وهو يقول: يا أحکم الحاکمين! احکُم بيني وبين اُمّي. فقال له عمر بن الخطّاب: يا غلام لِمَ تدعو علي اُمّک؟! فقال: يا أميرالمؤمنين، إنّها حملتني في بطنها تسعة أشهر، وأرضعتني حولين، فلمّا ترعرعتُ وعرفت الخير من الشرّ ويميني من شمالي طردَتني وانتفت منّي، وزعمت أنّها لا تعرفني.

فقال عمر: أين تکون الوالدة؟ قال: في سقيفة بني فلان.

فقال عمر: عليَّ باُمّ الغلام، قال: فأتَوا بها مع أربعة إخوة لها وأربعين قسامة يشهدون لها أنّها لا تعرف الصبيّ، وأنّ هذا الغلام غلام مدّعٍ ظلوم غشوم يُريد أن يفضحها في عشيرتها، وأنّ هذه جارية من قريش لم تتزوّج قطّ، وأ نّها بخاتم ربّها.

فقال عمر: يا غلام ما تقول؟ فقال: يا أميرالمؤمنين، هذه واللَّه اُمّي؛ حملتني في بطنها تسعة أشهر، وأرضعتني حولين، فلمّا ترعرعتُ وعرفتُ الخير من الشرّ ويميني من شمالي طردتني وانتفت منّي، وزعمت أنّها لا تعرفني.

فقال عمر: يا هذه! ما يقول الغلام؟ فقالت: يا أميرالمؤمنين، والذي احتجب بالنور؛ فلا عين تراه، وحقّ محمّد وما ولد، ما أعرفه ولا أدري من أيّ الناس هو، وإنّه غلام مدّعٍ يريد أن يفضحني في عشيرتي، وإنّي جارية من قريش لم

[صفحه 30]

أتزوّج قطّ، و إنّي بخاتم ربّي.

فقال عمر: ألکِ شهود؟ فقالت: نعم هؤلاء، فتقدّم الأربعون القسامة فشهدوا عند عمر أنّ الغلام مدّعٍ يريد أن يفضحها في عشيرتها، و أنّ هذه جارية من قريش لم تتزوّج قطّ، و أنّها بخاتم ربّها.

فقال عمر: خذوا هذا الغلام وانطلقوا به إلي السجن حتي نسأل عن الشهود؛ فإن عدلت شهادتهم جلدته حدّ المفتري.

فأخذوا الغلام يُنطلق به إلي السجن، فتلقّاهم أميرالمؤمنين عليه السلام في بعض الطريق، فنادي الغلام: يابن عمّ رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم! إنّني غلام مظلوم، وأعاد عليه الکلام الذي کلّم به عمر، ثمّ قال: وهذا عمر قد أمر بي إلي الحبس.

فقال عليّ عليه السلام: ردّوه إلي عمر، فلمّا ردّوه قال لهم عمر: أمرت به إلي السجن فرددتموه إليَّ؟! فقالوا: يا أميرالمؤمنين، أمرنا عليّ بن أبي طالب عليه السلام أن نردّه إليک، وسمعناک وأنت تقول: لا تعصوا لعليّ عليه السلام أمراً. فبينا هم کذلک إذ أقبل عليٌّ عليه السلام فقال: عليَّ باُمّ الغلام، فأتَوا بها.

فقال عليٌّ عليه السلام: يا غلام! ما تقول؟ فأعاد الکلام، فقال عليّ عليه السلام لعمر: أتأذن لي أن أقضي بينهم؟ فقال عمر: سبحان اللَّه! وکيف لا وقد سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم يقول: أعلمکم عليّ بن أبي طالب.

ثمّ قال للمرأة: يا هذه ألکِ شهود؟ قالت: نعم، فتقدّم الأربعون قسامة فشهدوا بالشهادة الاُولي، فقال عليّ عليه السلام: لأقضينّ اليوم بقضيّة بينکما هي مرضاة الربّ من فوق عرشه، علّمنيها حبيبي رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم.

ثمّ قال لها: أ لکِ وليّ؟ قالت: نعم هؤلاء إخوتي، فقال لإخوتها: أمري فيکم

[صفحه 31]

و في اُختکم جائز؟ فقالوا: نعم يابن عمّ محمّد صلي الله عليه و سلم، أمرک فينا وفي اُختنا جائز.

فقال عليّ عليه السلام: اُشهد اللَّه واُشهد من حضر من المسلمين أنّي قد زوّجت هذا الغلام من هذه الجارية بأربعمائة درهم، والنقد من مالي. يا قنبر! عليَّ بالدراهم، فأتاه قنبر بها فصبّها في يد الغلام، قال: خذها فصبّها في حِجْر امرأتک، و لا تأتِنا إلّا وبک أثر العرس- يعني الغسل- فقام الغلام فصبّ الدراهم في حِجْر المرأة ثمّ تلبّبها[1] فقال لها: قومي.

فنادت المرأة: النارَ النارَ يابن عمّ محمّد!! تُريد أن تزوّجني من ولدي، هذا واللَّه ولدي، زوّجني إخوتي هجيناً[2] فولدتُ منه هذا الغلام، فلمّا ترعرع وشبّ أمروني أن أنتفي منه وأطرده، وهذا واللَّه ولدي، وفؤادي يتقلّي أسفاً علي ولدي.

قال: ثمّ أخذت بيد الغلام وانطلقت، ونادي عمر: وا عمراه!! لولا عليّ لهلک عمر.[3] .



صفحه 30، 31.





  1. لَبَّبْتُ فُلاناً: إذا جمعت ثيابه عند صدره ونحره ثمّ جررته (لسان العرب: 733:1).
  2. الهجين: العربيّ ابنُ الأمة (لسان العرب: 431:13).
  3. الکافي: 6:423:7، تهذيب الأحکام: 849:304:6، خصائص الأئمّة عليهم السلام: 83 کلاهما عن عاصم بن ضمرة وراجع المناقب لابن شهر آشوب: 361:2.