الوليد بن عقبة











الوليد بن عقبة



هو أخو عثمان لاُمّه،[1] و ممّن أسلم يوم فتح مکّة. قتل أميرالمؤمنين عليه السلام أباه بأمر النبيّ صلي الله عليه و سلم بعد أسره في غزوة بدر.[2] .

نزلت فيه الآية الکريمة: «يَأَيُّهَا الَّذِينَء َامَنُواْ إِن جَآءَکُمْ فَاسِقُ م بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ...»،[3] [4] و مع ذلک فإنّ الخليفة الثاني کان يرسله لجمع الصدقات.[5] .

[صفحه 315]

کان مفرِطاً في شرب الخمر، و اُقيم عليه الحدّ بسبب ذلک عندما کان والياً من قِبَل عثمان علي الکوفة[6] و هذا من جملة المؤاخذات التي سُجّلت علي عثمان.[7] .

کان قديم العداء للإمام أمير المؤمنين عليه السلام، وهو الذي قال للإمام عليه السلام في عهد النبيّ صلي الله عليه و سلم: «أنا أحدُّ منک سِناناً، وأبسطُ لساناً، وأملأُ کتيبةً»، فنزلت الآية الکريمة: «أَفَمَن کَانَ مُؤْمِنًا کَمَن کَانَ فَاسِقًا»[8] علي أثر ذلک.[9] .

و لمّا بويع الإمام عليه السلام لم يبايعه، بل کان يحرّض معاوية والعثمانيّين بشعر کان ينشده،[10] بل لازم معاوية في صفّين. وکان يسبّ الإمام عليه السلام.[11] .

6269- تاريخ دمشق عن ابن عبّاس: قال الوليد بن عقبة بن أبي معيط لعليّ بن أبي طالب: أنا أحدُّ منک سِناناً، وأبسطُ منک لساناً، وأملأُ للکتيبة منک! فقال له عليّ: اسکت، فإنّما أنت فاسق، فنزلت: «أَفَمَن کَانَ مُؤْمِنًا کَمَن کَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ»، قال: يعني بالمؤمن عليّاً، و بالفاسق الوليد بن عقبة.[12] .

[صفحه 316]

6270- شرح نهج البلاغة عن أبي القاسم البلخي: من المعلوم الذي لا ريب فيه- لاشتهار الخبر به، وإطباق الناس عليه- أنّ الوليد بن عقبة بن أبي معيط کان يبغض عليّاً و يشتمه، وأنّه هو الذي لاحاه[13] في حياة رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم ونابذه، وقال له: أنا أثبت منک جناناً، و أحدّ سناناً!

فقال له عليّ عليه السلام: اسکت يا فاسق! فأنزل اللَّه تعالي فيهما: «أَفَمَن کَانَ مُؤْمِنًا کَمَن کَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ...» الآيات المتلوّة، وسمّي الوليدَ بحسب ذلک في حياة رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم الفاسقَ، فکان لا يُعرف إلّا بالوليد الفاسق.[14] .

6271- تاريخ دمشق- في وصف الوليد بن عقبة-: کان أبوه من شياطين قريش، أسره رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم يوم بدر، و ضرب عنقه.

و هو الفاسق الذي ذکره اللَّه عزّوجلّ، يقول: «أَفَمَن کَانَ مُؤْمِنًا کَمَن کَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ».[15] .

6272- الإمام عليّ عليه السلام: إنّ امرأة الوليد بن عقبة أتت النبيّ صلي الله عليه و سلم، فقالت: يا رسول اللَّه، إنّ الوليد يضربها.[16] قال: قولي له: قد أجارني.

فلم تلبث إلّا يسيراً حتي رجعت، فقالت: ما زادني إلّا ضرباً.

فأخذ هُدبة[17] من ثوبه فدفعها إليها، وقال: قولي له: إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم قد

[صفحه 317]

أجارني.

فلم تلبث إلّا يسيراً حتي رجعت، فقالت: ما زادني إلّا ضرباً. فرفع يديه وقال: «اللهمّ عليک الوليد، أثِمَ بي» مرّتين.[18] [19] .

6273- الغارات- في وصف الوليد بن عقبة-: وهو الذي سمّاه اللَّه في کتابه فاسقاً، و هو أحد الصبيَّة الذين بشّرهم النبيّ صلي الله عليه و سلم بالنار.

و قال شعراً يردّ علي النبيّ صلي الله عليه و سلم قولَه- حيث قال في عليّ عليه السلام: إن تولّوه تجدوه هادياً مهديّاً، يسلک بکم الطريق المستقيم- فقال:


فإن يَکُ قد ضَلّ البعيرُ بحِملهِ
فلمُ يَکُ مهديّاً ولا کان هاديا


فهو من مبغضي عليّ عليه السلام وأعدائه، وأعداء النبيّ صلي الله عليه و سلم؛ لأنّ أباه قتله النبيّ صلي الله عليه و سلم بيد عليٍّ صبراً يوم بدرٍ بالصفراء.[20] [21] .

6274- شرح نهج البلاغة: إنّ الوليد بن عقبة بن أبي معيط- و کان يبغض الأنصار؛ لأ نّهم أسروا أباه يوم بدر، وضربوا عنقه بين يدي رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم- قام يشتم الأنصار، و ذکرهم بالهجر.[22] .

6275- تاريخ دمشق عن عبداللَّه بن مسعود عن رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم: سَيَلي اُمورکم من

[صفحه 318]

بعدي رجال، يُطفئون السنّة، ويعملون بالبدعة، ويؤخّرون الصلاة عن مواقيتها. فقلت: يا رسول اللَّه، فما تأمرني إن أدرکتُهم؟ فقال: سألني ابن اُمّ عبد، ثمّ رفع يديه حتي إنّي لَأري بياض إبطيه، فقال: «لا طاعة لمن عصي اللَّه» ثلاث مرّات، حسبت.

فلمّا کان الوليد بن عقبة بالکوفة أخّر الصلاة يوماً، فقام ابن مسعود، فأقام الصلاة، و صلّي بالناس.[23] .

6276- تاريخ دمشق عن علقمة: کنّا في جيش بالروم، ومعنا حذيفة، وعلينا الوليد، فشرب الوليد الخمر، فأردنا أن نحدّه، فقال حذيفة: أتحدّون أميرکم وقد دنوتم من عدوّکم، فيطمعوا فيکم؟! فبلغه، فقال:


لَأشربنّ وإن کانتْ مُحرّمةً
ولَأشربنّ علي رَغم أنفِ مَن رَغِمْ[24] .


6277- مروج الذهب: أتاه [عليّاً عليه السلام] جماعة ممّن تخلّف عن بيعته من بني اُميّة،- منهم: سعيد بن العاص، ومروان بن الحکم، والوليد بن عقبة بن أبي معيط- فجري بينه وبينهم خَطب طويل، وقال له الوليد: إنّا لم نتخلّف عنک رغبةً عن بيعتک، ولکنّا قوم وَتَرَنا الناس، وخِفنا علي نفوسنا، فعُذرنا فيما نقول واضح؛ أمّا أنا فقتلتَ أبي صبراً، و ضربتني حدّاً.[25] .

6278- الغارات عن مغيرة الضبّي: مرّ ناس بالحسن بن عليّ عليهماالسلام وهم يريدون عيادة الوليد بن عقبة و هو في علّةٍ شديدة، فأتاه الحسن عليه السلام معهم عائداً، فقال

[صفحه 319]

للحسن: أتوب إلي اللَّه ممّا کان بيني وبين جميع الناس، إلّا ما کان بيني وبين أبيک! يقول: أي لا أتوب منه.[26] .

6279- شرح نهج البلاغة- في بيان علّة شدّة بغض الوليد عليّاً عليه السلام-: إنّ عليّاً عليه السلام قتل أباه عقبة بن أبي معيط صبراً يوم بدر، وسمّي الفاسق بعد ذلک في القرآن؛ لنزاعٍ وقع بينه وبينه، ثمّ جلده الحدّ في خلافة عثمان، وعزله عن الکوفة و کان عاملها.

و ببعض هذا عند العرب أرباب الدين والتُّقي تُستحلّ المحارم، و تستباح الدماء، و لا تبقي مراقبةٌ في شفاء الغيظ لدينٍ و لا لعقابٍ و لا لثوابٍ، فکيف الوليد المشتمل علي الفسوق والفجور، مجاهراً بذلک! و کان من المؤلّفة قلوبهم، مطعوناً في نسبه، مرميّاً بالإلحاد و الزندقة.[27] .

راجع: القسم الرابع: مبادي الثورة علي عثمان/ السدّ عن إقامة الحدّ علي الوليد.

القسم التاسع/ عليّ عن لسان القرآن/ المؤمن.

[صفحه 321]



صفحه 315، 316، 317، 318، 319، 321.





  1. اُسد الغابة: 5475:420:5، سير أعلام النبلاء: 67:413:3؛ تاريخ اليعقوبي: 165:2.
  2. تاريخ دمشق: 221:63، سير أعلام النبلاء: 67:413:3، مروج الذهب: 362:2.
  3. الحجرات: 6.
  4. مسند ابن حنبل: 18486:397:6، المعجم الکبير: 3395:274:3، تاريخ دمشق: 224:63 و ص 228، اُسد الغابة: 5475:420:5، الاستيعاب: 2750:114:4، الإصابة: 9167:481:6؛ تاريخ اليعقوبي: 53:2.
  5. سير أعلام النبلاء: 67:414:3، تاريخ دمشق: 221:63 و ص 242.
  6. تاريخ دمشق: 244:63، الکامل في التاريخ: 245:2 و 246، الأغاني: 139:5 تا 146 و ص 158، سير أعلام النبلاء: 67:414:3، اُسد الغابة: 5475:421:5، الإصابة: 9167:482:6، الاستيعاب: 2750:115:4؛ تاريخ اليعقوبي: 165:2 و ص 174.
  7. سير أعلام النبلاء: 67:415:3، اُسد الغابة: 5475:421:5، تاريخ دمشق: 220:63.
  8. السجدة: 18.
  9. راجع: القسم التاسع: عليّ عن لسان القرآن: المؤمن.
  10. اُسد الغابة: 5475:422:5، الإصابة: 9167:482:6، الاستيعاب: 2750:117:4.
  11. تاريخ الطبري: 45:5، شرح نهج البلاغة: 54:8؛ وقعة صفّين: 391.
  12. تاريخ دمشق: 235:63، تاريخ بغداد: 7291:321:13، سير أعلام النبلاء: 67:415:3، الأغاني: 153:5 کلّها نحوه.
  13. لَحا الرجلَ: شَتَمه، وفي الحديث: «نهيتُ عن ملاحاة الرجال»:أي مقاولتهم ومخاصمتهم؛ هو من: لحيتُ الرجل إذا نازعته (لسان العرب: 242:15).
  14. شرح نهج البلاغة: 80:4.
  15. تاريخ دمشق: 224:63.
  16. کذا في المصدر، و في بعض المصادر: «جاءت إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم تشتکي الوليد أنّه يضربها» و هو المناسب للسياق.
  17. هُدْبة: أي قطعة (النهاية: 249:5).
  18. يحتمل أنّ «مرّتين» من کلام الراوي، ويحتمل أيضاً أنّها من کلام رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم.
  19. مسند ابن حنبل: 1303:319:1، تاريخ دمشق: 12971:233:63، مسند أبي يعلي: 289:181:1، مسند البزّار: 768:20:3، شرح نهج البلاغة: 239:17 کلّها عن أبي مريم و الثلاثة الأخيرة نحوه، کنز العمّال: 37545:603:13.
  20. الصَّفْراء: وادٍ من ناحية المدينة، بينه وبين بدر مرحلة (معجم البلدان: 412:3).
  21. الغارات: 518:2.
  22. شرح نهج البلاغة: 36:6.
  23. تاريخ دمشق: 240:63.
  24. تاريخ دمشق: 239:63، المصنّف لابن أبي شيبة: 147:583:4 وفيه «رجل من قريش» بدل «وعلينا الوليد».
  25. مروج الذهب: 362:2.
  26. الغارات: 519:2؛ شرح نهج البلاغة: 82:4.
  27. شرح نهج البلاغة: 8:2.