بسر بن أرطاة











بسر بن أرطاة



کان بُسْر من اُمراء جيش معاوية،[1] وأحد المعادين للإمام أميرالمؤمنين عليه السلام.

[صفحه 291]

وقد تقابل مع الإمام عليه السلام في صفّين، لکنّه نجا من الموت بکشف عورته.[2] .

أغار علي المدينة و مکّة و اليمن بعد صفّين بأمر معاوية، وآذي شيعة الإمام عليه السلام،[3] وقتل خلقاً کثيراً، فيهم طفلان لعبيد اللَّه بن العبّاس،[4] وأفرط في قبائحه إفراطاً لا يوصف.

کما أنّه خرّب دُور أصحاب الإمام عليه السلام في المدينة،[5] وأسر النساء المسلمات في اليمن وباعهنّ.[6] .

وقد دعا عليه الإمام عليه السلام،[7] فجُنَّ علي أثر ذلک.[8] ثمّ هلک حوالي سنة (70 ه).[9] .

6231- الاستيعاب: کان بسر بن أرطاة من الأبطال الطغاة، وکان مع معاوية بصفّين، فأمره أن يلقي عليّاً في القتال، وقال له: سمعتک تتمنّي لقاءه؛ فلو أظفرک

[صفحه 292]

اللَّه به وصرعته حصلت علي دنيا و آخرة. و لم يزل به يشجّعه و يمنّيه حتي رآه فقصده في الحرب، فالتقيا فصرعه عليّ رضوان اللَّه عليه، و عرض له معه مثل ما عرض فيما ذکروا لعليّ رضي الله عنه مع عمرو بن العاص.[10] .

6232- تاريخ دمشق عن عطاء بن أبي مروان: بعث معاوية بسر بن أرطاة إلي المدينة ومکّة واليمن يستعرض الناس؛ فيقتل من کان في طاعة عليّ بن أبي طالب، فأقام بالمدينة شهراً، فما قيل له في أحدٍ: إنّ هذا ممّن أعان علي عثمان إلّا قتَله. و قتل قوماً من بني کعب علي مالهم فيما بين مکّة و المدينة، و ألقاهم في البئر.

و مضي إلي اليمن و کان عبيداللَّه بن العبّاس بن عبدالمطّلب والياً عليها لعليّ بن أبي طالب، فقتل بسر ابنيه: عبدالرحمن وقُثَماً ابني عبيداللَّه بن العبّاس، وقتل عمرو بن اُمّ أراکة الثقفي، وقتل من همْدان بالجوف[11] ممّن کان مع عليّ بصفّين؛ قتل أکثر من مائتين، و قتل من الأبناء کثيراً.[12] .

6233- الفتوح- في غارة بسر بن أرطاة-: سار حتي جاز بئر ميمون[13] جعل الناس يهربون بين يديه خوفاً منهم علي أنفسهم. قال: ونظر بسر إلي غلامين من أحسن الغلمان هيئةً و جمالاً و هما هاربان، فقال: عليَّ بهما! فاُتي بهما حتي وقفا بين يديه، فقال لهما: من أنتما؟ فقال أحدهما: أنا قثم وهذا أخي ابنا عبيداللَّه بن عبّاس بن عبدالمطّلب.

[صفحه 293]

فقال بسر: اللَّه أکبر! أنتما ممّن أتقرّب بکما وبسفک دمائکما إلي اللَّه تعالي. قال: ثمّ أمر بهما فذبحا ذبحاً....

ثمّ سار بسر إلي نجران[14] و بها يومئذٍ رجل من أصحاب النبيّ صلي الله عليه و سلم يقال له عبدالمدان، فسمّاه النبيّ صلي الله عليه و سلم عبداللَّه، و کان من شيعة عليّ رضي الله عنه، فقتله بسر بن أبي أرطاة و قتل ابناً له يسمّي مالکاً....

ثمّ سار بسر بن أبي أرطاة إلي بلاد همْدان و بها قوم من أرْحَب من شيعة عليّ بن أبي طالب، فقتلهم عن آخرهم.

ثمّ سار إلي جَيْشان[15] و بها يومئذٍ خلق من شيعة عليّ رضي الله عنه، فقتلهم عن آخرهم.

ثمّ سار يريد صنعاء[16] و بها يومئذٍ عبيداللَّه بن عبّاس من قِبل عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فلمّا بلغه خبر بسر دعا برجل يقال له عمرو بن أراکة، فاستخلفه علي صنعاء و خرج عنها هارباً. و أقبل عدوّ اللَّه حتي دخل صنعاء، فأخذ عمرو بن أراکة فضرب عنقه صبراً، و جعل يتلقّط من کان بصنعاء من شيعة عليّ فيقتلهم حتي لم يبقَ منهم أحد.

و خرج من صنعاء يريد حضرموت،[17] فلمّا دخلها جعل يسأل عن کلّ من

[صفحه 294]

يعرف أحداً من موالاة عليّ فيقتله، حتي قتل خلقاً کثيراً.

قال: ثمّ أقبل إلي رجل من ملوکهم يقال له عبداللَّه بن ثوابة، و هو في حصن له، فلم يزل يختدعه ويحلف له حتي استنزله من حصنه، ثمّ أمر بقتله.

فقال له ابن ثوابة: أيّها الرجل! إنّي لا أعلم ذنباً لنفسي يوجب القتل، فَعلامَ تقتلني؟! فقال له بسر: بقعودک عن بيعة معاوية و تفضيلک عليّ بن أبي طالب.

فقال ابن ثوابة: فذرْني حتي اُصلّي رکعتين أختم بهما عملي. فقال بسر: صلِّ ما بدا لک، فإنّي قاتلک.

قال: فصلّي عبداللَّه بن ثوابة رکعتين فعجّل عن إتمامهما، و قطع بالسيف إرباً إرباً.[18] .

6234- اُسد الغابة- في بسر بن أرطاة-: دخل المدينة، فهرب منه کثير من أهلها، منهم: جابر بن عبداللَّه، و أبوأيّوب الأنصاري، و غيرهما، و قتل فيها کثيراً.

و أغار علي همدان باليمن، و سبي نساءهم، فکُنّ أوّل مسلمات سُبينَ في الإسلام، وهدم بالمدينة دوراً.[19] .

6235- اُسد الغابة عن أبي عمر- في بسر بن أرطاة-: کان يحيي بن معين يقول: لا تصحّ له صحبة. و کان يقول: هو رجل سوء؛ و ذلک لما رکبه في الإسلام من الاُمور العظام، منها ما نقله أهل الأخبار و أهل الحديث أيضاً من ذبحه عبدالرحمن و قثم- ابني عبيداللَّه بن العبّاس بن عبدالمطّلب- و هما صغيران بين يدي اُمّهما. و کان معاوية سيّره إلي الحجاز و اليمن ليقتل شيعة عليّ، و يأخذ

[صفحه 295]

البيعة له، فسار إلي المدينة ففعل بها أفعالاً شنيعة.[20] .

6236- الغارات: قد کان عليّ عليه السلام دعا قبل موته علي بسر بن أبي أرطاة- لعنه اللَّه- فيما بلغنا، فقال: اللهمّ إنّ بسراً باع دينه بدنياه، وانتهک محارمک، وکانت طاعة مخلوقٍ فاجرٍ آثر عنده ممّا عندک، اللهمّ فلا تُمِته حتي تسلبه عقله. فما لبث بعد وفاة عليّ عليه السلام إلّا يسيراً حتي وسوس، وذهب عقله.[21] .

6237- الکامل في التاريخ: لمّا سمع أميرالمؤمنين بقتلهما [ابني عبيداللَّه بن عبّاس] جزع جزعاً شديداً، و دعا علي بسر، فقال: اللهمّ اسلبه دينه و عقله. فأصابه ذلک، و فقد عقله، فکان يهذي بالسيف، و يطلبه فيؤتي بسيف من خشب، و يُجعل بين يديه زقّ[22] منفوخ، فلا يزال يضربه. و لم يزل کذلک حتي مات.[23] .

6238- تاريخ دمشق عن أبي سعيد بن يونس- في بسر بن أرطاة-: کان من شيعة معاوية بن أبي سفيان، و شهد مع معاوية صفّين، و کان معاوية وجّهه إلي اليمن و الحجاز في أوّل سنة أربعين، و أمره أن يتقرّي[24] من کان في طاعة عليّ فيوقع بهم. ففعل بمکة و المدينة و اليمن أفعالا قبيحة.

و قد ولي البحر[25] لمعاوية، وکان قد وسوس في آخر أيامه، فکان إذا لقي

[صفحه 296]

إنسانا قال: أين شيخي؟ أين عثمان؟ ويسل سيفه. فلما رأوا ذلک جعلوا له في جفنة[26] سيفا من خشب، قال: فکان إذا ضرب لم يضر.[27] .

راجع: القسم السادس/ وقعة صفين/ قتال الإمام بنفسه.

القسم السابع/ هجمات عمال معاوية/ غارة بسر بن أرطاة.



صفحه 291، 292، 293، 294، 295، 296.





  1. تاريخ دمشق: 872:149:10، الأخبار الطوال: 167 و ص 172، شرح نهج البلاغة: 215:3 و ج 28:4، الإمامة والسياسة: 123:1.
  2. شرح نهج البلاغة: 316:6؛ وقعة صفّين: 461.
  3. أنساب الأشراف: 211:3، شرح نهج البلاغة: 3:2؛ تاريخ اليعقوبي: 197:2، الغارات: 598:2.
  4. أنساب الأشراف: 213:3، تاريخ الطبري: 140:5، تاريخ دمشق: 151:10 تا 154، الکامل في التاريخ: 431:2، اُسد الغابة: 406:375:1، الاستيعاب: 175:244:1، البداية والنهاية: 323:7؛ الأمالي للمفيد: 4:306، الأمالي للطوسي: 111:77، تاريخ اليعقوبي: 198:2، الغارات: 614:2.
  5. أنساب الأشراف: 212:3، تاريخ الطبري: 139:5، تاريخ دمشق: 151:10، الکامل في التاريخ: 430:2، الفتوح: 232:4، البداية والنهاية: 322:7؛ تاريخ اليعقوبي: 198:2.
  6. سير أعلام النبلاء: 65:410:3، اُسد الغابة: 406:375:1، الاستيعاب: 175:243:1.
  7. الغارات: 640:2؛ شرح نهج البلاغة: 79:4 و ج 98:15.
  8. مروج الذهب: 172:3، تاريخ بغداد: 49:211:1، اُسد الغابة: 406:375:1؛ الغارات: 640:2. راجع: القسم الثالث عشر:استجابة دعواته:استجابة دعائه علي بسر بن أرطاة.
  9. سير أعلام النبلاء: 65:411:3.
  10. الاستيعاب: 175:245:1.
  11. الجَوْف لغةً: الأرض المطمئنّة، وجوف المحوّرة: ببلاد همدان (معجم البلدان: 188:2).
  12. تاريخ دمشق: 872:152:10 و راجع أنساب الأشراف: 211:3.
  13. بِئْر ميْمون: بئر بمکّة منسوبة إلي ميمون بن خالد بن عامر بن الحضرمي (معجم البلدان: 302:1).
  14. نَجْران: ثالث المدن الکبري بعد صنعاء وعدن، بها نخيل وتشتمل علي أحياء من اليمن وهي عن صنعاء عشر مراحل، أقرّ أهلها الإسلام وطلبوا المباهلة، لکن امتنعوا عنها بعد حين، ودفعوا الجزية (راجع تقويم البلدان: 92).
  15. جَيْشان: مخلاف باليمن کان ينزلها جيشان بن غيدان، فسمّيت به (معجم البلدان: 200:2).
  16. عاصمة اليمن، و تقع جنوب الحجاز، و شمال مدينة عدن. و کانت من أهمّ مدن اليمن و الحجاز آنذاک.
  17. حَضْرَمَوت: ناحية واسعة في شرقي عدن بقرب البحر، يتلوها أرض رمليّة تعرف بالأحقاف، فيها قبر هود عليه السلام، وبئر برهوت بالقرب منها. وهي من مخاليف اليمن الشرقيّة، بل هي أکبرها. واسمها في التوراة «حاضرميت» (معجم البلدان: 270:2).
  18. الفتوح: 233:4 تا 236.
  19. اُسد الغابة: 406:375:1، الاستيعاب: 175:243:1 نحوه.
  20. اُسد الغابة: 406:374:1، الاستيعاب: 175:242:1 نحوه وراجع التاريخ لابن معين: 58:2.
  21. الغارات: 640:2؛ شرح نهج البلاغة: 18:2 و راجع الإرشاد: 321:1 والخرائج والجرائح: 42:201:1.
  22. الزِّقّ: الذي يُسوّي سقاء أو وَطْباً، والزِّقّ من الاُهُب: کلّ وعاء اتُّخذ لشراب و نحوه، و قيل: لا يسمّي زِقّاً حتي يُسلخ من قبل رأسه (لسان العرب: 143:10).
  23. الکامل في التاريخ: 432:2 و راجع أنساب الأشراف: 216:3 و المناقب لابن شهر آشوب: 280:2.
  24. قرا الأرضَ واقتراها وتقرّاها واستقراها: تتبّعها أرضاً أرضاً (لسان العرب: 175:15).
  25. بُحْر- أو بُحُر-: بلد باليمن (معجم البلدان: 341:1).
  26. الجَفْن: غِمْد السيف (لسان العرب: 89:13).
  27. تاريخ دمشق: 872:145:10.