احقاد بدريّة وحنينيّة وغيرهنّ











احقاد بدريّة وحنينيّة وغيرهنّ



6103- الإمام الصادق عليه السلام: قال رجل لعليّ بن الحسين: ما أشدّ بغض قريشٍ لأبيک! قال: لأنّه أورد أوّلهم النار، وألزم آخرهم العار.[1] .

6104- تاريخ دمشق عن ابن طاووس عن أبيه: قلت لعليّ بن حسين بن عليّ: ما بال قريش لا تحبّ عليّاً؟! فقال: لأنّه أورد أوّلهم النار، وألزم آخرهم العار.[2] .

[صفحه 246]

6105- عيون أخبار الرضا عن الحسن بن عليّ بن فضّال عن الإمام الرضا عليه السلام: سألته عن أميرالمؤمنين عليه السلام کيف مالَ الناس عنه إلي غيره وقد عرفوا فضله وسابقته ومکانه من رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم؟ فقال: إنّما مالوا عنه إلي غيره وقد عرفوا فضله؛ لأنّه قد کان قتل من آبائهم وأجدادهم وإخوانهم وأعمامهم وأخوالهم وأقربائهم؛ المحادّين للَّه ولرسوله عدداً کثيراً، فکان حقدهم عليه لذلک في قلوبهم؛ فلم يحبّوا أن يتولّي عليهم، ولم يکن في قلوبهم علي غيره مثل ذلک؛ لأنّه لم يکن له في الجهاد بين يدي رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم مثل ما کان له، فلذلک عدلوا عنه ومالوا إلي سواه.[3] .

6106- معرفة الصحابة عن ابن عبّاس: قال عثمان لعليّ: ما ذنبي إن لم تحبّک قريش وقد قتلت منهم سبعين رجلاً؛ کأنّ وجوههم سيوف الذهب؟[4] .

6107- الغارات- في وصف الوليد بن عقبة-: هو من مبغضي عليّ عليه السلام وأعدائه وأعداء النبيّ صلي الله عليه و سلم؛ لأنّ أباه قتله النبيّ صلي الله عليه و سلم بيد عليّ صبراً[5] يوم بدر بالصفراء.[6] [7] .

6108- شرح نهج البلاغة: إنّ قريشاً کلّها کانت تبغضه أشدّ البغض، ولو عمّر عمر نوح، وتوصّل إلي الخلافة بجميع أنواع التوصّل؛ کالزهد فيها تارة، والمناشدة بفضائله تارة، وبما فعله في ابتداء الأمر من إخراج زوجته وأطفاله

[صفحه 247]

ليلاً إلي بيوت الأنصار، وبما اعتمده إذ ذاک من تخلّفه في بيته وإظهار أنّه قد انعکف علي جمع القرآن، وبسائر أنواع الحيل فيها، لم تحصل له إلّا بتجريد السيف کما فعل في آخر الأمر ولست ألوم العرب، لا سيّما قريشاً في بغضها له، وانحرافها عنه؛ فإنّه وترها، وسفک دماءها، وکشفَ القناع في منابذتها، ونفوس العرب وأکبادها کما تعلم!

وليس الإسلام بمانع من بقاء الأحقاد في النفوس، کما نشاهده اليوم عياناً، والناس کالناس الاُول، والطبائع واحدة، فاحسب أنّک کنت من سنتين أو ثلاث جاهلياً أو من بعض الروم، وقد قتل واحدٌ من المسلمين ابنک أو أخاک، ثمّ أسلمت؛ أکان إسلامُک يُذهب عنک ما تجده من بغض ذلک القاتل و شنآنه؟ کلّا. إنّ ذلک لَغير ذاهب، هذا إذا کان الإسلام صحيحاً، والعقيدة محقّقة، لا کإسلام کثير من العرب؛ فبعضهم تقليداً، وبعضهم للطمع والکسب، وبعضهم خوفاً من السيف، وبعضهم علي طريق الحميّة والانتصار، أو لعداوة قوم آخرين من أضداد الإسلام وأعدائه.

واعلم أنّ کلّ دم أراقه رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم بسيفِ عليّ عليه السلام وبسيف غيره؛ فإنّ العرب بعد وفاته عليه السلام عَصَبت[8] تلک الدماء بعليّ بن أبي طالب عليه السلام وحده؛ لأنّه لم يکن في رهطه من يستحقّ في شرعهم وسنّتهم وعادتهم أن يُعصَب به تلک الدماء إلّا بعليّ وحده، وهذه عادة العرب إذا قُتل منها قتلي طالبت بتلک الدماء القاتلَ؛ فإن مات أو تعذّرت عليها مطالبتُه، طالبت بها أمثل الناس من أهله....

سألت النقيب أباجعفر يحيي بن أبي زيد رحمه اللَّه! فقلت له: إنّي لأعجبُ من

[صفحه 248]

عليّ عليه السلام! کيف بقي تلک المدّة الطويلة بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم؟ وکيف ما اغتيل وفُتک[9] به في جوف منزله، مع تلظّي الأکباد عليه؟!

فقال: لولا أنّه أرغم أنفه بالتراب، ووضع خدّه في حضيض الأرض[10] لقتل، ولکنّه أخمل نفسه، واشتغل بالعبادة والصلاة والنظر في القرآن، وخرج عن ذلک الزيّ الأوّل وذلک الشعار، ونسيَ السيف، وصار کالفاتک؛ يتوب ويصير سائحاً في الأرض، أو راهباً في الجبال.

ولمّا أطاع القومَ الذين ولّوا الأمر، وصار أذلّ لهم من الحذاء، ترکوه وسکتوا عنه، ولم تکن العرب لتقدم عليه إلّا بمواطأةٍ من متولّي الأمر، وباطنٍ في السرِّ منه،فلمّا لم يکن لولاة الأمر باعثٌ وداعٍ إلي قتله وقع الإمساک عنه، ولولا ذلک لقتل.[11] .

راجع: عدّة من مبغضيه/ الوليد بن عقبة.

القسم العاشر/ الخصائص السياسيّة والاجتماعيّة/ المظلوميّة بعد النبيّ.



صفحه 246، 247، 248.





  1. نثر الدرّ: 340:1 عن أبي محمّد الجعفري عن أبيه عن عمّه، کشف الغمّة: 319:2 عن أبي محمّد الجعفري عن أبيه عن عمّه عن الإمام الصادق عن أبيه عليهماالسلام، بحارالأنوار: 10:159:78.
  2. تاريخ دمشق: 290:42، المعجم لابن الأعرابي: 573:300:1.
  3. عيون أخبار الرضا: 15:81:2، علل الشرائع: 3:146 وفيه «المحاربين» بدل «المحادّين».
  4. معرفة الصحابة: 338:86:1.
  5. الصَّبرْ- هنا-: نَصْبُ الإنسان للقتل، وأصل الصَّبر: الحبس وکلّ ذي روح يُصبر حيّاً، ثمّ يُرمي حتي يُقتل فقد قُتل صبراً (لسان العرب: 438:4).
  6. وادي الصفراء: من ناحية المدينة، وهو وادٍ کثير النخل والزرع والخير في طريق الحاجّ، وسلکه رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم غير مرّة، وبينه وبين بدر مرحلة (معجم البلدان: 412:3).
  7. الغارات: 519:2.
  8. أي قرنوا هذه الحال به ونسبوها إليه (انظر النهاية: 244:3).
  9. فَتَک بالرجل فَتْکاً: انتهزمنه غِرّة فقتله أوجرحه، وکلّ من قتل رجلاً غارّاً فهو فاتک (لسان العرب: 472:10).
  10. الحضيض: قرار الأرض وأسفل الجبل (النهاية: 400:1).
  11. شرح نهج البلاغة: 299:13.