احبّ الخلق إلي اللَّه











احبّ الخلق إلي اللَّه[1]



.

6070- سنن الترمذي عن أنس بن مالک: کان عند النبيّ صلي الله عليه و سلم طير، فقال: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقک إليک؛ يأکل معي هذا الطير. فجاء عليّ، فأکل معه.[2] .

6071- خصائص أمير المؤمنين عن أنس بن مالک: إنّ النبيّ صلي الله عليه و سلم کان عنده طائر، فقال: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقک إليک؛ يأکل معي من هذا الطير. فجاء أبوبکر، فردّه، ثمّ جاء عمر، فردّه، ثمّ جاء عليّ، فأذن له.[3] .

6072- تاريخ دمشق عن أنس بن مالک: اُهدي لرسول اللَّه صلي الله عليه و سلم حجل مشوي

[صفحه 228]

بخبزه وصنابه،[4] فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقک إليک؛ يأکل معي من هذا الطعام. فقالت عائشة: اللهمّ اجعله أبي. وقالت حفصة: اللهمّ اجعله أبي- قال أنس:- وقلت: اللهمّ اجعله سعد بن عبادة.

قال أنس: فسمعتُ حرکة بالباب، فخرجتُ، فإذا عليّ بالباب، فقلت: إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم علي حاجة، فانصرف. ثمّ سمعتُ حرکة بالباب، فخرجت، فإذا عليّ بالباب، فقلت: إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم علي حاجة، فانصرف. ثمّ سمعتُ حرکة بالباب، فسلّم عليٌّ، فسمع رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم صوتَه فقال: انظر من هذا. فخرجتُ فإذا هو عليّ، فجئتُ إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم فأخبرته، فقال: إئذن له. فدخل عليٌّ، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم: اللهمّ وإليّ، اللهمّ وإليّ.[5] .

6073- شرح الأخبار عن أبي أيّوب الأنصاري: اُهدي إلي رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم طير يقال له: الحجل، فوُضع بين يديه، قال: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقک اليک؛ يأکل معي من هذا الطعام. وکان أنس بن مالک وعائشة وحفصة قريب منه، فقالت عائشة: اللهمّ اجعله أبابکر. وقالت حفصة: اللهمّ اجعله عمر. وقال أنس: اللهمّ اجعله سعد بن عبادة أو رجلاً من الأنصار.

و قال: وحُرّک الباب، فقال: يا أنس انظر من بالباب! قال أنس: فخرجتُ، فإذا هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقلت له: النبيّ علي حاجة. فرجع عليّ عليه السلام.

ومکث رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم ماشاء اللَّه، ثمّ رفع رأسه وقال: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقک إليک؛ ليأکل معي من هذا الطعام. ثمّ قال: وحُرّک الباب ثانية، ثمّ قال رسول اللَّه: يا أنس اُنظر من بالباب! فخرجت، فإذا هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقلت له: النبيّ

[صفحه 229]

علي حاجة، فانصرف.

فمکث رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم ما شاء اللَّه، ثمّ رفع يديه وقال: اللهمّ ائتني به الساعة. قال: وحُرّک الباب، ثمّ قال: يا أنس، انظر مَن [في][6] الباب؟ قال أنس: فخرجتُ، فاذا هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقلت له: النبيّ علي حاجة.- قال:- فوضع يده علي صدري، ثمّ دفعني فألصقني بالحائط، ثمّ دخل. قال: فلما رآه رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم عانقَه، ثمّ قال: اللهمّ وإليّ، اللهمّ وإليّ؛ يعني إنّه أحبّ خلقک إليک وإليّ. ثمّ قال له: يا عليّ ما حبسکَ؟ قال: جئت ثلاث مرّات، کلّ ذلک يردّني أنس. فنظر إليّ النبيّ، وقال: ما حملک علي هذا يا أنس؟! فقلت: يا رسول اللَّه، أردتُ أن تکون الدعوة لرجل من قومي الأنصار. فقال لي رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم: لستَ بأوّل من أحبّ قومه.[7] .

6074- المستدرک علي الصحيحين عن ثابت البناني: إنّ أنس بن مالک کان شاکياً، فأتاه محمّد بن الحجّاج يعوده في أصحاب له، فجري الحديث حتي ذکروا عليّاً رضي الله عنه، فتنقّصه محمّد بن الحجّاج، فقال أنس: مَن هذا!! أقعِدوني، فأقعدوه، فقال: يابن الحجّاج، ألّا أراک تنقّص عليّ بن أبي طالب، والذي بعث محمّداً صلي الله عليه و سلم بالحقّ لقد کنت خادم رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم بين يديه، وکان کلّ يوم يخدم بين يدي رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم غلام من أبناء الأنصار، فکان ذلک اليوم يومي، فجاءت

[صفحه 230]

اُمّ أيمن- مولاة رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم- بطير فوضعته بين يدي رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم: يا اُمّ أيمن، ما هذا الطائر؟ قالت: هذا الطائر أصبته، فصنعته لک.

فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم: اللهمّ جئني بأحبّ خلقک إليک وإليَّ؛ يأکل معي من هذا الطائر. وضُرب الباب، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم: يا أنس، انظر مَن علي الباب! قلت: اللهمّ اجعله رجلاً من الأنصار، فذهبت فإذا عليّ بالباب، قلت: إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم علي حاجة.

فجئت حتي قمت من مقامي، فلم ألبث أن ضُرب الباب، فقال: يا أنس، انظر مَن علي الباب! فقلت: اللهمّ اجعله رجلاً من الأنصار، فذهبت فإذا عليّ بالباب، قلت: إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم علي حاجة.

فجئت حتي قمت مقامي، فلم ألبث أن ضُرب الباب، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم: يا أنس، اذهب فأدخِله، فلستَ بأوّل رجل أحبّ قومه، ليس هو من الأنصار.

فذهبت فأدخلته، فقال: يا أنس قرّب إليه الطير. قال: فوضعته بين يدي رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم، فأکلا جميعاً.

قال محمّد بن الحجّاج: يا أنس، کان هذا بمحضر منک؟ قال: نعم. قال: اُعطي باللَّه عهداً أن لا أنتقص عليّاً بعد مقامي هذا، ولا أعلم أحداً ينتقصه إلّا أشنت له وجهه.[8] .

6075- علل الشرائع عن المفضّل بن عمر: قلت لأبي عبداللَّه جعفر بن محمّد الصادق عليهماالسلام: لِمَ صار أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب قسيم الجنّة والنار؟ قال: لأنّ حبّه إيمان، وبغضه کفر، وإنّما خُلقت الجنّة لأهل الإيمان، وخُلقت النار

[صفحه 231]

لأهل الکفر، فهو عليه السلام قسيم الجنّة والنار لهذه العلّة؛ فالجنّة لا يدخلها إلّا أهل محبّته، والنار لا يدخلها إلّا أهل بغضه.

قال المفضّل: فقلت: يابن رسول اللَّه، فالأنبياء والأوصياء عليهم السلام کانوا يحبّونه، وأعداؤهم کانوا يبغضونه؟ قال: نعم. قلت: فکيف ذلک؟ قال: أما علمت أنّ النبيّ صلي الله عليه و سلم قال يوم خيبر: «لَاُعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ اللَّه ورسوله، ويحبّه اللَّه ورسوله، ما يرجع حتي يفتح اللَّه علي يديه»، فدفع الراية إلي عليّ عليه السلام، ففتح اللَّه تعالي علي يديه؟ قلت: بلي.

قال: أما علمت أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم لمّا اُتي بالطائر المشوي قال صلي الله عليه و سلم: اللهمّ ائتني بأحبّ خلقک إليک وإليَّ؛ يأکل معي من هذا الطائر- وعني به عليّاً عليه السلام-؟ قلت: بلي.

قال: فهل يجوز أن لا يحبّ أنبياء اللَّه ورسله وأوصياؤهم عليهم السلام رجلاً يحبّه اللَّه ورسوله، ويحبّ اللَّه ورسوله؟! فقلت له: لا. قال: فهل يجوز أن يکون المؤمنون من اُممهم لا يحبّون حبيب اللَّه وحبيب رسوله وأنبيائه عليهم السلام؟ قلت: لا.

قال: فقد ثبت أنّ جميع أنبياء اللَّه ورسله وجميع المؤمنين کانوا لعليّ بن أبي طالب محبّين، وثبت أنّ أعدائهم والمخالفين لهم کانوا لهم ولجميع أهل محبّتهم مبغضين. قلت: نعم. قال: فلا يدخل الجنّة إلّا من أحبّه من الأوّلين والآخرين، ولا يدخل النار إلّا مَن أبغضه من الأوّلين والآخرين، فهو إذن قسيم الجنّة والنار.[9] .

راجع: تاريخ دمشق: 244:42 تا 260، وعبقات الأنوار المجلّد الرابع.

[صفحه 232]



صفحه 228، 229، 230، 231، 232.





  1. أوردنا في هذا الباب عدداً من النقول للحديث المسمّي بحديث الطير والذي يُعدّ من الأحاديث المستفيضة، بل المتواترة لدي الشيعة وأهل السنّة. وفي شأنه يقول الذهبي في تذکرة الحفّاظ: أمّا حديث الطير فله طرق کثيرة جدّاً قد أفردتُها بمصنّف، ومجموعها هو يوجب أن يکون الحديث له أصل (تذکرة الحفاظ: 1042:3). ولقد خصّص المحقّق الفائق النظير مير حامد حسين الهندي المجلّد الرابع من کتابه العظيم «عبقات الأنوار» ذي القطع الرحلي خصّصه فقط لدراسة هذا الحديث طرقاً و رواةً و بحثاً و نقضاً و إبراماً و کلّ ما يدور حول هذا الحديث.
  2. سنن الترمذي: 3721:636:5، المعجم الکبير: 6437:82:7 عن سفينة، تاريخ بغداد: 4944:369:9، التاريخ الکبير: 1132:358:1، اُسد الغابة: 3789:105:4، تاريخ دمشق: 8767:246:42 و ح 8765 و ح 8766، المناقب للخوارزمي: 113:107 والثلاثة الأخيرة عن ابن عبّاس و ح 114؛ بشارة المصطفي: 165 عن ابن عبّاس نحوه، کشف الغمّة: 150:1 وراجع فضائل الصحابة لابن حنبل: 945:560:2.
  3. خصائص أميرالمؤمنين للنسائي: 12:50، مسند أبي يعلي: 4039:130:4، اُسد الغابة: 3789:105:4 وفيه «عثمان» بدل «عمر».
  4. الصِناب: الخردل المعمول بالزيت، وهو صباغ يؤتدم به (النهاية: 55:3).
  5. تاريخ دمشق:8768:247:42، البداية و النهاية:351:7 و فيه «اللهمّ وال...» بدل «اللهمّ وإليّ...».
  6. ما بين المعقوفين إضافة يقتضيها السياق.
  7. شرح الأخبار: 67:137:1 وراجع المستدرک علي الصحيحين: 4650:142:3 وتاريخ بغداد: 171:3 والمعجم الکبير: 730:253:1 وحلية الأولياء: 339:6 وتاريخ دمشق: 8764:245:42 والبداية والنهاية: 354:7 والمناقب لابن المغازلي: 191:161 وکفاية الطالب: 155 والأمالي للصدوق: 1012:753 والأمالي للطوسي: 454:253.
  8. المستدرک علي الصحيحين: 4651:142:3.
  9. علل الشرائع: 1:162، مختصر بصائر الدرجات: 216، تأويل الآيات الظاهرة: 10:790:2، بحارالأنوار: 5:194:39.