لقاء الخضر











لقاء الخضر



5923- الإمام عليّ عليه السلام: دخلت الطواف في بعض الليل فإذا أنا برجل متعلّق بأستار الکعبة وهو يقول: يا من لا يمنعه سمع عن سمع، ويا من لا تغلطه المسائل، ويا من لا يبرحه[1] إلحاح الملحّين، ولا مسألة السائلين؛ ارزقني برد عفوک وحلاوة رحمتک!

قال: فقلت له: يا هذا، أعِد عليَّ ما قلت. قال: قال لي: أ وَسمعته؟! قلت: نعم. قال لي: والذي نفس الخضر بيده- قال: وکان هو الخضر- لا يقولها عبدخلف صلاة مکتوبة إلّا غفر اللَّه له ذنوبه، ولو کانت مثل زبد البحر، ورمل عالِج،[2] وورق الشجر، وعدد النجوم، لغفرها اللَّه له.[3] .

5924- عنه عليه السلام: رأيت الخضر عليه السلام في المنام قبل بدر بليلة، فقلت له: علّمني شيئاً اُنصَر به علي الأعداء، فقال: «قل: يا هو يا من لا هو إلّا هو». فلمّا أصبحت قصصتها علي رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم، فقال لي: «يا عليّ، عُلّمتَ الاسم الأعظم». فکان علي لساني يوم بدر.[4] .

[صفحه 171]

5925- الإمام الجواد عن آبائه عليهم السلام: أقبل أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه ذات يوم ومعه الحسن بن عليّ وسلمان الفارسي، وأميرالمؤمنين متّکئ علي يد سلمان رضي الله عنه، فدخل المسجد الحرام فجلس، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس، فسلّم علي أميرالمؤمنين وجلس بين يديه وقال: يا أمير المؤمنين، أسألک عن ثلاث مسائل... ثمّ قام فمضي، فقال أميرالمؤمنين للحسن عليهماالسلام: يا أبامحمّد، اتّبعه فانظر أين يقصد. قال: فخرجت في أثره، فما کان إلّا أن وضع رجله خارج المسجد حتي ما دريت أين أخذ من الأرض! فرجعت إلي أميرالمؤمنين عليه السلام فأعلمته، فقال: يا أبامحمّد، تعرفه؟ قلت: لا، واللَّه ورسوله وأميرالمؤمنين أعلم، فقال: هو الخضر عليه السلام.[5] .

5926- الإمام الرضا عليه السلام: لما قُبض رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم جاء الخضر عليه السلام فوقف علي باب البيت وفيه عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، ورسول اللَّه صلي الله عليه و سلم قد سُجّي[6] بثوبه، فقال: السلام عليکم يا أهل بيت محمّد، کلّ نفس ذائقة الموت، وإنّما توفّون اُجورکم يوم القيامة، إنّ في اللَّه خلفاً من کلّ هالک، وعزاءً من کلّ مصيبة، ودَرکاً من کلّ فائت، فتوکّلوا عليه، وثقوا به، وأستغفر اللَّه لي ولکم.

فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: هذا أخي الخضر عليه السلام، جاء يعزّيکم بنبيّکم صلي الله عليه و سلم.[7] .

5927- التوحيد عن الأصبغ بن نباتة: لمّا جلس عليّ عليه السلام في الخلافة وبايعه الناس خرج إلي المسجد... فصعد المنبر... ثمّ قال: يا معشر الناس! سلوني

[صفحه 172]

قبل أن تفقدوني. فقام إليه رجل من أقصي المسجد متوکّئاً علي عصاه، فلم يزل يتخطّي الناس حتي دنا منه فقال: يا أمير المؤمنين، دلّني علي عمل أنا إذا عملته نجّاني اللَّه من النار. قال له: اسمع يا هذا ثمّ افهم ثمّ استيقن! قامت الدنيا بثلاثة: بعالم ناطق مستعمل لعلمه، وبغنيّ لا يبخل بماله علي أهل دين اللَّه، وبفقير صابر. فإذا کتم العالم علمه، وبخل الغنيّ، ولم يصبر الفقير، فعندها الويل والثبور، وعندها يعرف العارفون باللَّه أنّ الدار قد رجعت إلي بدئها؛ أي الکفر بعد الإيمان.

أيّها السائل! فلا تغترّنّ بکثرة المساجد وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة وقلوبهم شتّي.

أيّها السائل! إنّما الناس ثلاثة: زاهد وراغب وصابر.

فأمّا الزاهد فلا يفرح بشي ء من الدنيا أتاه، ولا يحزن علي شي ء منها فاته؛ وأمّا الصابر فيتمنّاها بقلبه، فإن أدرک منها شيئاً صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها؛ وأمّا الراغب فلا يبالي من حلّ أصابها أم من حرام.

قال له: يا أميرالمؤمنين، فما علامة المؤمن في ذلک الزمان؟ قال: ينظر إلي ما أوجب اللَّه عليه من حقّ فيتولّاه، وينظر إلي ما خالفه فيتبرّأ منه وإن کان حميماً قريباً. قال: صدقت واللَّه يا أميرالمؤمنين!

ثمّ غاب الرجل فلم نره، فطلبه الناس فلم يجدوه، فتبسّم عليّ عليه السلام علي المنبر ثمّ قال: ما لکم! هذا أخي الخضر عليه السلام.[8] .



صفحه 171، 172.





  1. بَرَّح فلانٌ وأبْرَحَ: آذي بالإلحاح (انظر لسان العرب: 410:2). وفي المصادر الاُخري: «يبرمه».
  2. عَالِج: رمال بين فيد والقُرَيات في الحجاز، وهي متّصلة بالثعلبيّة علي طريق مکّة، لا ماء فيها (معجم البلدان: 70:4).
  3. تاريخ دمشق: 426:16 و ص 425، البداية والنهاية: 332:1 کلّها عن يزيد بن الأصمّ، الهواتف لابن أبي الدنيا: 62:55 عن محمّد بن يحيي نحوه؛ الأمالي للمفيد: 8:92 عن محمّد ابن الحنفيّة نحوه.
  4. التوحيد: 2:89 عن أبي البختري عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام، عدّة الداعي: 262 عن الصدوق عن أبيه عن جدّه.
  5. الغيبة للنعماني: 2:58، الاحتجاج: 148:9:2 کلاهما عن داود بن القاسم الجعفري، بحارالأنوار: 1:414:36.
  6. أي غُطِّي (النهاية: 344:2).
  7. کمال الدين: 5:391 عن الحسن بن عليّ بن فضّال، بحارالأنوار: 18:515:22 وراجع الکافي: 8:222:3 والطبقات الکبري: 260:2 وکنز العمّال: 18785:250:7.
  8. التوحيد: 1:306.