غلبة الحقّ علي الباطل في آخر الزمان
5905- عنه عليه السلام: ليخرجنّ رجل من ولدي عند اقتراب الساعة حين تموت قلوب المؤمنين کما تموت الأبدان، لما لحقهم من الضرّ والشدّة والجوع والقتل، وتواتر الفتن والملاحم العظام، وإماتة السنن وإحياء البدع، وترک الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر، فيُحي اللَّه بالمهدي محمّد بن عبداللَّه السنن التي قد اُميتت، ويسرّ بعدله وبرکته قلوب المؤمنين، وتتألّف إليه عصب من العجم وقبائل من العرب، فيبقي علي ذلک سنين.[5] . 5906- عنه عليه السلام- في خطبة له ذکر فيها رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم-: وخلّف فينا راية [صفحه 144] الحقّ، مَن تقدّمها مَرَق، ومن تخلّف عنها زَهَق، ومن لَزِمها لَحِق، دليلها مَکِيث[6] الکلام، بطي ء القيام، سريعٌ إذا قام. فإذا أنتم ألنتم له رقابکم، وأشرتم إليه بأصابعکم، جاءه الموت فذهب به، فلَبِثتم بعده ما شاء اللَّه، حتي يُطلِع اللَّه لکم من يجمعکم ويَضُمّ نشْرَکم. فلا تطمعوا في غير مُقبِل، ولا تيأسوا من مُدبِر. فإنّ المُدبِر عسي أن تزلّ إحدي قائمتيه، وتثبت الاُخري، فترجعا حتي تثبتا جميعاً. ألا إنّ مَثَلَ آل محمّد صلي الله عليه و سلم کمثل نجوم السماء؛ إذا خوي نجم طلع نجم، فکأنّکم قد تکاملت من اللَّه فيکم الصنائع، وأراکم ما کنتم تأملون.[7] . 5907- الغيبة للنعماني عن أبي وائل: نظر أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام إلي الحسين عليه السلام فقال: إن ابني هذا سيّد کما سمّاه رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم سيّداً، وسيُخرج اللَّه من صلبه رجلاً باسم نبيّکم، يشبهه في الخَلق والخُلق، يخرج علي حين غفلةٍ من الناس، وإماتة للحقّ وإظهار للجور، واللَّه لو لم يخرج لضربت عنقه، يفرح بخروجه أهل السماوات وسکّانها، وهو رجل أجْلَي الجَبين،[8] أقْنَي الأنف،[9] ضَخْم البطن، أزْيَل الفخذين،[10] بفخذه اليمني شامة، أفلج[11] الثنايا، ويملأ الأرض عدلاً کما [صفحه 145] مُلئت ظلماً وجوراً.[12] . 5908- کمال الدين عن الحسين بن خالد عن الإمام الرضا عن آبائه عن الإمام عليّ عليهم السلام- للحسين عليه السلام-: التاسع من ولدک يا حسين هو القائم بالحقّ، المُظهر للدِّين، والباسط للعدل. قال الحسين: فقلت له: يا أميرالمؤمنين، وإنّ ذلک لکائن؟ فقال عليه السلام: إي والذي بعث محمّداً صلي الله عليه و سلم بالنبوّة، واصطفاه علي جميع البريّة، ولکن بعد غيبة وحيرة، فلا يثبت فيها علي دينه إلّا المخلصون المباشرون لروح اليقين، الذين أخذ اللَّه عزّوجلّ ميثاقهم بولايتنا، وکتب في قلوبهم الإيمان، وأيّدهم بروح منه.[13] . 5909- الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام: زاد الفرات علي عهد أميرالمؤمنين عليه السلام، فرکب هو وابناه الحسن والحسين عليهم السلام فمرّ بثقيف، فقالوا: قد جاء عليٌّ يردّ الماء. فقال عليّ عليه السلام: أما واللَّه لاُقتلنّ أنا وابناي هذان، وليبعثنّ اللَّه رجلاً من ولدي في آخر الزمان يطالب بدمائنا، وليغيبنّ عنهم، تمييزاً لأهل الضلالة، حتي يقول الجاهل: ما للَّه في آل محمّد من حاجة.[14] . 5910- نهج البلاغة- من خطبة له عليه السلام يومئ فيها إلي ذکر الملاحم-: يعطف الهوي علي الهدي إذا عطفوا الهدي علي الهوي، ويعطف الرأي علي القرآن إذا [صفحه 146] عطفوا القرآن علي الرأي. ومنها: حتي تقوم الحرب بکم علي ساقٍ بادياً نواجذها، مملوءةً أخلافها، حُلواً رضاعها، علقماً عاقبتها. ألا وفي غدٍ- وسيأتي غدٌ بما لا تعرفون- يأخذ الوالي من غيرها عُمّالها علي مساوئ أعمالها، وتُخرج له الأرض أفاليذ کبدها، وتُلقي إليه سِلماً مقاليدها. فيُريکم کيف عدل السيرة، ويُحيي ميّت الکتاب والسنّة.[15] . 5911- الإمام عليّ عليه السلام- من خطبة له يومئ فيها إلي الملاحم-: فلا تستعجلوا ما هو کائنٌ مُرصَد، ولا تستبطئوا ما يجي ء به الغد؛ فکم من مستعجلٍ بما إن أدرکه ودّ أ نّه لم يدرکه، وما أقرب اليوم من تباشيرِ غدٍ! يا قوم، هذا إبّان ورود کلّ موعود، ودُنوٍّ من طَلعة ما لا تعرفون. ألا وإنّ من أدرکها منّا[16] يسري فيها بسراج منير، ويَحذو فيها علي مثال الصالحين، ليحُلّ فيها رِبْقاً،[17] ويُعتق فيها رِقّاً، ويَصدع شَعْباً، ويشعَب صَدْعاً،[18] في سُترة عن الناس لا يُبصر القائف أثره ولو تابع نظره. ثمّ ليُشحذنّ فيها قوم شحذ القَيْن[19] النصلَ. تُجلي بالتنزيل [صفحه 147] أبصارهم، ويُرمي بالتفسير في مسامعهم، ويُغبقون کأس الحکمة بعد الصَّبوح.[20] . 5912- الإمام الصادق عليه السلام: خطب أميرالمؤمنين عليه السلام بالمدينة، فحمد اللَّه وأثني عليه وصلّي علي النبيّ وآله، ثمّ قال: أمّا بعد، فإنّ اللَّه تبارک وتعالي لم يقصم جبّاري دهر إلّا من بعد تمهيل ورخاء، ولم يجبر کسر عظم من الاُمم إلّا بعد أزل[21] وبلاء. أيّها الناس في دون ما استقبلتم من عطب واستدبرتم من خطب معتبر، وما کلُّ ذي قلب بلبيب، ولا کلُّ ذي سمع بسميع، ولا کلُّ ذي ناظر عين ببصير. عباد اللَّه! أحسنوا فيما يعنيکم النظر فيه، ثمّ انظروا إلي عرصات من قد أقاده اللَّه بعلمه، کانوا علي سنّة من آل فرعون أهل جنّات وعيون وزروع ومقام کريم، ثمّ انظروا بما ختم اللَّه لهم بعد النضرة والسرور والأمر والنهي، ولمن صبر منکم العاقبة في الجنان واللَّه مخلّدون وللَّه عاقبة الاُمور. فياعجباً ومالي لا أعجب من خطأ هذه الفرق علي اختلاف حججها في دينها! لا يقتصّون أثر نبيّ، ولا يقتدون بعمل وصي، ولا يؤمنون بغيب، ولا يعفون عن عيب، المعروف فيهم ما عرفوا، والمنکر عندهم ما أنکروا، وکلُّ امرئٍ منهم إمام نفسه، آخذ منها فيما يري بِعُريً وثيقات، وأسبابٍ محکمات. فلا يزالون بِجَور، ولن يزدادوا إلّا خطأ، لا ينالون تقرُّباً ولن يزدادوا إلّا بعداً من اللَّه عزّوجلّ، اُنس بعضهم ببعض وتصديق بعضهم لبعض، کلّ ذلک وحشةً ممّا ورَّث النبيُّ الاُمّي صلي الله عليه و سلم، ونفوراً ممّا أدّي إليهم من أخبار فاطر السماوات [صفحه 148] والأرض، أهل حسرات، وکهوف شبهات، وأهل عشوات وضلالة وريبة، من وکله اللَّه إلي نفسه ورأيه فهو مأمون عند من يجهله، غير المتّهم عند من لا يعرفه، فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها. ووا أسفا من فعلات شيعتي! من بعد قرب مودّتها اليوم، کيف يستذلُّ بعدي بعضها بعضاً؟ وکيف يقتل بعضها بعضاً؟ المتشتّة غداً عن الأصل النازلة بالفرع، المؤمّلة الفتح من غير جهته، کلُّ حزب منهم آخذ منه بغصن، أينما مال الغصن مال معه، مع أنّ اللَّه- وله الحمد- سيجمع هؤلاء لشرّ يوم لبني اُميّة کما يجمع قَزع الخريف يؤلّف اللَّه بينهم، ثمّ يجعلهم رکاماً کرکام السحاب، ثمّ يفتح لهم أبواباً يسيلون من مستثارهم کسيل الجنّتين، سيل العرم حيث بعث عليه فارة، فلم يثبت عليه أکمة، ولم يردَّ سننه رضّ طود، يذعذعهم اللَّه في بطون أودية، ثمّ يسلکهم ينابيع في الأرض، يأخذ بهم من قوم حقوق قوم، ويُمکّن بهم قوماً في ديار قوم، تشريداً لبني اُميّة، ولکيلا يغتصبوا ما غصبوا، يضعضع اللَّه بهم رکناً، وينقض بهم طيَّ الجنادل من إرم، ويملأ منهم بطنان الزيتون. فو الذي فلق الحبّة وبرأ النسمة! ليکوننّ ذلک وکأنّي أسمع صهيل خيلهم وطمطمة رجالهم. وايم اللَّه ليذوبنَّ ما في أيديهم بعد العلوِّ والتمکين في البلاد کما تذوب الألية علي النار، من مات منهم مات ضالّاً، وإلي اللَّه عزّوجلّ يفضي منهم من درج، ويتوب اللَّه عزّوجلَّ علي من تاب. ولعلّ اللَّه يجمع شيعتي بعد التشتّت لشرّ يوم لهؤلاء! وليس لأحدٍ علي اللَّه عزّ ذکره الخيرة بل للَّه الخيرة والأمر جميعاً.[22] . [صفحه 149]
5904- الإمام عليّ عليه السلام: لتعطفنّ الدنيا علينا بعد شماسها[1] عطف الضروس[2] علي ولدها- وتلا عقيب ذلک-: «وَ نُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَي الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَ رِثِينَ».[3] [4] .
صفحه 144، 145، 146، 147، 148، 149.