ملك معاوية











ملک معاوية



5875- الإمام الحسن عليه السلام: إنّ أميرالمؤمنين عليه السلام قال لي ذات يوم وقد رآني فرحاً: يا حسن أ تفرح؟! کيف بک إذا رأيت أباک قتيلاً؟! أم کيف بک إذا ولي هذا الأمر بنو اُميّة، وأميرها الرحب البلعوم، الواسع الأعفاج،[1] يأکل ولا يشبع، يموت وليس له في السماء ناصر ولا في الأرض عاذر، ثمّ يستولي علي غربها وشرقها، يدين له العباد ويطول ملکه، يستنّ بسنن البدع والضلال، ويميت الحقّ وسُنّة رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم، يقسم المال في أهل ولايته، ويمنعه من هو أحقّ به، ويُذلّ في ملکه المؤمن، ويقوي في سلطانه الفاسق، ويجعل المال بين أنصاره دولاً، ويتّخذ عباد اللَّه خولاً، يدرس في سلطانه الحقّ، ويظهر الباطل، ويُلعن الصالحون، ويقتل من ناواه علي الحقّ، ويدين من والاه علي الباطل.[2] .

5876- الإمام عليّ عليه السلام: أما إنّه سيظهر عليکم بعدي رجل رحب البُلعوم، مُندحق البطن،[3] يأکل ما يجد، ويطلب ما لا يجد، فاقتلوه، ولن تقتلوه! ألا وإنّه سيأمرکم بسبّي والبراءة منّي، فأمّا السبّ فسبّوني، فإنّه لي زکاة، ولکم نجاة، وأمّا البراءة فلا تتبرّأوا منّي؛ فإنّي ولدت علي الفطرة، وسبقت إلي الإيمان

[صفحه 127]

والهجرة.[4] .

5877- الإيضاح عن مِيْنا مولي عبدالرحمن بن عوف: سمع عليّ بن أبي طالب صلوات اللَّه عليه ضوضاةً في عسکره، فقال: ما هذا؟

فقيل: قُتل معاوية.

فقال: کلّا وربّ الکعبة، لا يقتل حتي تجتمع الاُمّة عليه.

فقيل له: يا أميرالمؤمنين فبم تقاتله؟

قال: ألتمس العذر فيما بيني وبين اللَّه.[5] .

5878- الخرائج والجرائح عن عوف بن مروان: إنّ راکباً قدم من الشام، فأفشي في الکوفة أنّ معاوية مات، فجي ء بالرجل إلي عليّ عليه السلام فقال: أنت شهدت موت معاوية؟

قال: نعم، کنت فيمن دفنه.

فقال له عليّ: إنّک کاذب.

فقال القوم: أهو يکذب؟

قال: نعم؛ لأنّ معاوية لا يموت حتي يملک هذه الاُمّة، ويفعل کذا، ويفعل کذا بعدما ملک.

[صفحه 128]

فقال القوم: فَلِمَ تقاتله وأنت تعلم أنّه سيبلغ هذا؟

قال: للحجّة.[6] .

5879- مروج الذهب: قد کان معاوية دسّ اُناساً من أصحابه إلي الکوفة يشيعون موته، وأکثر الناس القول في ذلک حتي بلغ عليّاً، فقال في مجلسه:

قد أکثرتم من نعي معاوية، واللَّه ما مات ولا يموت حتي يملک ما تحت قدمي، وإنّما أراد ابن آکلة الأکباد أن يعلم ذلک منّي، فبعث من يشيع ذلک فيکم ليعلم ويتيقّن ما عندي فيه، وما يکون من أمره في المستقبل من الزمان.

ومرّ في کلام کثير يذکر فيه أيّام معاوية ومن تلاه من يزيد ومروان وبنيه، وذکر الحجّاج وما يسومهم من العذاب، فارتفع الضجيج، وکثر البکاء والشهيق، فقام قائم من الناس فقال: يا أميرالمؤمنين، ولقد وصفت اُموراً عظيمة، آللَّه إن ذلک کائن؟

قال عليّ: واللَّه إنّ ذلک لکائن، ما کَذِبت ولا کُذِبت.

فقال آخرون: متي يکون ذلک ياأميرالمؤمنين؟

قال: إذا خُضبت هذه من هذه، ووضع إحدي يديه علي لحيته والاُخري علي رأسه، فأکثر الناس من البکاء.

فقال: لا تبکوا في وقتکم هذا فستبکون بعدي طويلاً.

[صفحه 129]

فکاتب أکثر أهل الکوفة معاوية سرّاً في اُمورهم، واتّخذوا عنده الأيادي، فواللَّه ما مضت إلّا أيّام قلائل حتي کان ذلک.[7] .



صفحه 127، 128، 129.





  1. العَفَج: المِعَي؛ مفرد أمعاء (تاج العروس: 434:3).
  2. الاحتجاج: 158:70:2 عن زيد بن وهب الجهني، بحارالأنوار: 4:20:44 وراجع المناقب للکوفي: 614:128:2 و ص 787:315.
  3. مُندَحِق البطن: أي واسِعُها، کأنّ جوانبها قد بَعُد بعضها من بعض فاتَّسَعَت (النهاية: 105:2).
  4. نهج البلاغة: الخطبة 57، إعلام الوري: 340:1، المناقب لابن شهر آشوب: 272:2.
  5. الإيضاح: 455، الخرائج والجرائح: 37:198:1، المناقب لابن شهر آشوب: 259:2، بحارالأنوار: 27:298:41.
  6. الخرائج والجرائح: 37:198:1، المناقب لابن شهر آشوب: 259:2 عن عوف عن مروان الأصفر نحوه، بحارالأنوار: 37:304:41.
  7. مروج الذهب: 429:2.