ملك بني اُميّة وزواله











ملک بني اُميّة وزواله



5859- الإمام عليّ عليه السلام- علي منبر الکوفة-: ألا لعن اللَّه الأفجرين من قريش: بني اُميّة وبني مغيرة، أمّا بنو مغيرة فقد أهلکهم اللَّه بالسيف يوم بدر، وأمّا بنو اُميّة فهيهات هيهات! أما والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، لو کان المُلک من وراء الجبال لَيثبوا عليه حتي يصلوا.[1] .

5860- عنه عليه السلام- من خطبة له بالمدينة-: سيجمع هؤلاء لشرّ يوم لبني اُميّة کما يجمع قزع[2] الخريف، يؤلّف اللَّه بينهم، ثمّ يجعلهم رکاماً کرکام السحاب، ثمّ يفتح لهم أبواباً يسيلون من مستثارهم کسيل الجنّتين سيل العرم حيث بعث عليه فارة، فلم يثبت عليه أکمّة،[3] ولم يردّ سننه رضّ طود.[4] .

يذعذعهم[5] اللَّه في بطون أودية، ثمّ يسلکهم ينابيع في الأرض، يأخذ بهم من قوم حقوق قوم، ويمکّن بهم قوماً في ديار قوم، تشريداً لبني اُميّة، ولکيلا

[صفحه 121]

يغتصبوا ما غصبوا، يضعضع اللَّه بهم رکناً، وينقض بهم طيَّ الجنادل[6] من إرم، ويملأ منهم بطنان[7] الزيتون.

فوالذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، ليکوننّ ذلک وکأ نّي أسمع صهيل خيلهم وطمطمة[8] رجالهم، وايم اللَّه، ليذوبنّ ما في أيديهم بعد العلوّ والتمکين في البلاد کما تذوب الألية علي النار، من مات منهم مات ضالّاً، وإلي اللَّه عزّوجلّ يفضي منهم من درج، ويتوب اللَّه عزّوجلّ علي من تاب، ولعلّ اللَّه يجمع شيعتي بعد التشتّت لشرّ يوم لهؤلاء.[9] .

5861- عنه عليه السلام- من خطبة له يصف فيها بني اُميّة-: افترقوا بعد اُلفتهم، وتشتّتوا عن أصلهم، فمنهم آخذٌ بغصنٍ أينما مال مال معه. علي أنّ اللَّه تعالي سيجمعهم لشرّ يوم لبني اُميّة کما تجتمع قَزعُ الخريف! يؤلّف اللَّه بينهم، ثمّ يجمعهم رکاماً کرکام السحاب، ثمّ يفتح لهم أبواباً. يسيلون من مستثارهم کسيل الجنّتين، حيث لم تسلم عليه قارة، ولم تثبت عليه أکمة، ولم يرُدَّ سَننَه رصُّ طود، ولا حِدابُ[10] أرضٍ.

يُذعذعهم اللَّه في بطون أوديته، ثمّ يسلکهم ينابيع في الأرض، يأخذ بهم من قوم حقوق قوم، ويمکّن لقوم في ديار قوم. وايم اللَّه، ليذوبنّ ما في أيديهم بعد

[صفحه 122]

العلوّ والتمکين، کما تذوب الألية علي النار.[11] .

5862- عنه عليه السلام- يشير إلي ظلم بني اُميّة-: واللَّه لا يزالون حتي لا يَدَعُوا للَّه مُحرَّماً إلّا استحلّوه، ولا عقداً إلّا حلّوه، وحتي لا يبقي بيت مدرٍ ولا وبرٍ إلّا دخله ظلمهم ونَبا به سوء رعيهم، وحتي يقوم الباکيان يبکيان: باکٍ يبکي لدينه، وباکٍ يبکي لدنياه، وحتي تکون نصرة أحدکم من أحدهم کنصرة العبد من سيّده، إذا شهد أطاعه، وإذا غاب اغتابه، وحتي يکون أعظمَکم فيها عناءً، أحسنُکم باللَّه ظنّاً، فإن أتاکم اللَّه بعافية فاقبلوا، وإن ابتليتم فاصبروا، فإنّ العاقبة للمتّقين.[12] .

5863- عنه عليه السلام: ألا إنّ أخوف الفتن عندي عليکم فتنة بني اُميّة؛ إنّها فتنة عمياء مظلمة.[13] .

5864- عنه عليه السلام: ألا وإنّ أخوف الفتن عندي عليکم فتنة بني اُميّة، فإنّها فتنة عمياء مظلمة: عمّت خطّتها، وخَصّت بليّتها، وأصاب البلاء من أبصر فيها، وأخطأ البلاء من عمي عنها. وايم اللَّه، لتجدنّ بني اُميّة لکم أربابَ سوء بعدي، کالنَّاب الضروس؛ تَعذم[14] بفيها، وتَخبط بيدها، وتَزبن برجلها، وتمنع درّها، لا يزالون بکم حتي لا يترکوا منکم إلّا نافعاً لهم، أو غير ضائر بهم.

ولا يزال بلاؤهم عنکم حتي لا يکون انتصار أحدکم منهم إلّا کانتصار العبد

[صفحه 123]

من ربّه، والصاحب من مستصحبه، تَرِدُ عليکم فتنتهم شوهاء مخشيّة، وقطعاً جاهليّة، ليس فيها منار هديً، ولا علم يري.

نحن أهل البيت منها بمنجاة، ولسنا فيها بدُعاةٍ، ثمّ يُفرّجها اللَّه عنکم کتفريج الأديم، بمن يَسومهم خَسفاً،[15] ويسوقهم عُنفاً، ويسقيهم بکأس مُصبّرة[16] لا يعطيهم إلّا السيف، ولا يُحلسهم[17] إلّا الخوف، فعند ذلک تودّ قريش- بالدنيا وما فيها- لو يَرونني مَقاماً واحداً، ولو قدر جزر جزور، لِأقبل منهم ما أطلب اليوم بعضه فلا يعطونيه![18] .

5865- عنه عليه السلام: يظنّ الظانّ أنّ الدنيا معقولة علي بني اُميّة؛ تمنحهم درّها، وتوردهم صفوها، ولا يرفع عن هذه الاُمّة سوطها ولا سيفها، وکذب الظانّ لذلک، بل هي مجّة[19] من لذيذ العيش؛ يتطعّمونها برهة، ثمّ يلفظونها جملة![20] .

5866- عنه عليه السلام- في ذکر بني اُميّة-: يظهر أهل باطلها علي أهل حقّها حتي تملأ الأرض عدواناً وظلماً وبدعاً، إلي أن يضع اللَّه عزّوجلّ جبروتها، ويکسر عمدها، وينزع أوتادها، ألا وإنّکم مدرکوها، فانصروا قوماً کانوا أصحاب رايات بدر وحنين، تؤجروا ولا تُمالِئوا عليهم عدوّهم فتصرعکم البليّة وتحُلّ

[صفحه 124]

بکم النقمة.[21] .

5867- عنه عليه السلام: فاُقسم باللَّه، يا بني اُميّة عمّا قليل لتعرفُنّها في أيدي غيرکم وفي دار عدوّکم.[22] .

5868- عنه عليه السلام: فاُقسم باللَّه الذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، لتنتحرنّ عليها يا بني اُميّة، ولتعرفنّها في أيدي غيرکم ودار عدوّکم عمّا قليل، وليعلمنّ نبأه بعد حين.[23] .

5869- عنه عليه السلام- في بني اُميّة-: لا يزال هؤلاء القوم آخذين بثَبَج[24] هذا الأمر ما لم يختلفوا بينهم، فإذا اختلفوا بينهم خرجت منهم، فلم تعد إليهم إلي يوم القيامة. يعني: بني اُميّة.[25] .

5870- عنه عليه السلام: إنّ لبني اُميّة مِرْوَداً[26] يجرون فيه، ولو قد اختلفوا فيما بينهم ثمّ کادتهم الضباع لغلبتهم.[27] .

5871- عنه عليه السلام: فاُقسم ثمّ اُقسم، لتَنخَمَنّها اُميّة من بعدي کما تُلفظ النُّخامة، ثمّ لا

[صفحه 125]

تذوقها ولا تطعم بطعمها أبداً ما کَرَّ الجديدان.[28] .

5872- عنه عليه السلام: لا يزال بلاء بني اُميّة شديداً حتي يبعث اللَّه العُصَب مثل قزع الخريف، يأتون من کلٍّ، ولا يستأمرون أميراً ولا مأموراً، فإذا کان ذلک أذهب اللَّه مُلک بني اُميّة.[29] .

5873- عنه عليه السلام: إنّ بني اُميّة لا يزالون يطعنون في مِسْحَل ضلالة، ولهم في الأرض أجل ونهاية، حتي يُهريقوا الدم الحرام في الشهر الحرام، واللَّه لکأ نّي أنظر إلي غُرْنوق[30] من قريش يتشحّط في دمه، فإذا فعلوا ذلک لم يبقَ لهم في الأرض عاذِر، ولم يبقَ لهم ملک علي وجه الأرض بعد خمس عشرة ليلة.[31] .

5874- المناقب لابن شهر آشوب عن الأعمش بروايته عن رجل من همدان: کنّا مع عليّ عليه السلام بصفّين، فهزم أهلُ الشام ميمنة العراق، فهتف بهم الأشتر ليتراجعوا، فجعل أميرالمؤمنين عليه السلام يقول لأهل الشام: يا أبامسلم خذهم- ثلاث مرات-.

فقال الأشتر: أ وَليس أبومسلم معهم؟

قال: لست اُريد الخولاني، وإنّما اُريد رجلاً يخرج في آخر الزمان من المشرق، يهلک اللَّه به أهل الشام، ويسلب عن بني اُميّة ملکهم.[32] .

[صفحه 126]



صفحه 121، 122، 123، 124، 125، 126.





  1. کنز العمّال: 31753:363:11 نقلاً عن ابن عساکر عن قيس بن أبي حازم وراجع تفسير فرات: 296:221.
  2. قَزع: قِطَع السَّحاب المُتَفرّقة (النهاية: 59:4).
  3. الأکَمَة: الرابية (النهاية: 59:1).
  4. طودٌ: جَبَلٌ (النهاية: 141:3).
  5. الذَّعْذَعَة: التفريق (النهاية: 160:2).
  6. الجَنْدَل: الحِجَارة (لسان العرب: 128:11)، أي ينقض اللَّه بهم البنيان المطويّة والمبنيّة بالجنادل والاحجار من بلاد إرم.
  7. البُطنان: جمع بَطْن، وهو الغامض الداخل من الأرض (لسان العرب: 55:13).
  8. الطِمْطِمٌ: صوت الرعد (لسان العرب: 372:12). أي أصوات رجالهم.
  9. الکافي: 22:64:8، الإرشاد: 293:1 نحوه وکلاهما عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام.
  10. الحَدَبُ: غَلِيظ الأرضِ ومُرتَفعها، وجمعه حِداب (النهاية: 349:1).
  11. نهج البلاغة: الخطبة 166.
  12. نهج البلاغة: الخطبة 98.
  13. الغارات: 10:1 عن ابن أبي ليلي، شرح الأخبار: 410:40:2 و ص 601:287، کتاب سليم بن قيس: 17:714:2 وفيه «إنّها فتنة عمياء صمّاء مطبقة مظلمة»؛ الفتن: 529:195:1 عن ذرّ بن حبيش.
  14. العَذم: العَضّ (النهاية: 200:3).
  15. الخَسْفُ: النُّقْصان والهَوان (النهاية: 31:2).
  16. الصَّبِرُ بکسر الباء في المشهور: الدواءُ المُرّ، والکأس المُصبَّرةُ: التي يُجعل فيها الصَّبر (مجمع البحرين: 1005:2).
  17. الأحلاس: جمع حِلْس، وهو الکِسَاء الذي يلي البعير تحت القَتَب (النهاية: 423:1)استحلسنا الخوفَ: لزمناه (أساس البلاغة: 92).
  18. نهج البلاغة: الخطبة 93.
  19. المَجّ: الرمي، وما بقي في الإناء إلّا مَجَّة: أي قَدْر ما يُمَجّ (انظر لسان العرب: 361:2).
  20. نهج البلاغة: الخطبة 87.
  21. شرح نهج البلاغة: 58:7.
  22. نهج البلاغة: الخطبة 105.
  23. الإرشاد: 276:1.
  24. الثَّبَجُ: الوسط (النهاية: 206:1).
  25. الفتن: 522:193:1؛ الملاحم والفتن: 31:84 کلاهما عن عبيدة.
  26. قال الشريف الرضي: والمِرْوَد هنا: مِفْعَل من الإرواد؛ وهو الإمهال والإظهار، وهذا من أفصح الکلام وأغربه، فکأ نّه عليه السلام شبّه المهلة التي هم فيها بالمضمار الذي يجرون فيه إلي الغاية، فإذا بلغوا منقطعها انتقض نظامهم بعدها (المصدر).
  27. نهج البلاغة: الحکمة 464، نثر الدرّ: 311:1.
  28. نهج البلاغة: الخطبة 158.
  29. الفتن: 539:197:1 عن النزّال بن سبرة.
  30. الغُرْنُوق: الشابّ الناعم الأبيض (النهاية: 364:3).
  31. الفائق في غريب الحديث: 161:2، شرح نهج البلاغة: 131:19 وفيه «مَسجَل» بدل «مِسْحَل»، وقال في ذيله: الغِرْنوق: القُرشي الذي قتلوه ثمّ انقضي أمرُهم عقيب قتله: إبراهيم الإمام، وقد اختلفت الرواية في کيفيّة قتله؛ فقيل: قتل بالسيف، وقيل: خُنق في جراب فيه نُورة، وحديث أميرالمؤمنين عليه السلام يُسند الرواية الاُولي.
  32. المناقب لابن شهر آشوب: 262:2، بحارالأنوار: 39:310:41.