التدخل الإلهي











التدخل الإلهي



ثم جاء التهديد الإلهي لهم، فحسم الموقف، وأبرم الأمر، وظهر لهم أنهم عاجزون عن الوقوف في وجه إرادة الله، القاضية بلزوم إقامة الحجة علي الناس کافة، بالأسلوب الذي يريده الله ويرتضيه. وأدرکوا: أن استمرارهم في المواجهة السافرة قد يؤدي

[صفحه 81]

بهم إلي حرب حقيقية، مع الله ورسوله، وبصورة علنية ومکشوفة.

فلم يکن لهم بد من الرضوخ، والانصياع، لا سيما بعد أن أفهمهم الله سبحانه: أنه يعتبر عدم إبلاغ هذا الأمر بمثابة عدم إبلاغ أصل الدين، وأساس الرسالة، وأن معارضتهم لهذا الإبلاغ، تجعلهم في جملة أهل الکفر، المحاربين، الذين يحتاج الرسول إلي العصمة الإلهية منهم.

وهذه الأمور الثلاثة قد تضمنتها الآية الکريمة التي حددت السياسة الإلهية تجاههم:

{وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ والله يَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ الله لا يَهْدِي القَوْمَ الکَافِرِينَ}[1] .

والترکيز علي هذه الأمور الثلاثة معناه: أن القرار الإلهي هو أنه تعالي سوف يعتبر عدم تبليغ هذا الأمر للناس بصورة علنية أنه عودة إلي نقطة الصفر، وخوض حروب في مستوي بدر، وأحد والخندق، وسواها من الحروب التي خاضها المسلمون ضد المشرکين، من أجل تثبيت أساس الدين وإبلاغه.

ومن الواضح لهم:

أن ذلک سوف ينتهي بهزيمتهم وفضيحتهم، وضياع کل الفرص، وتلاشي جميع الآمال في حصولهم علي امتياز يذکر، أو بدونه، حيث تکون الکارثة بانتظارهم، حيث البلاء المبرم، والهلاک والفناء المحتّم.

فآثروا الرضوخ ـ مؤقتاً ـ إلي الأمر الواقع، والانحناء أمام العاصفة، في سياسة غادرة وماکرة.. ولزمتهم الحجة، بالبيعة التي أخذت منهم له [عليه السلام] في يوم الغدير. وقامت الحجة بذلک علي الأمة بأسرها أيضاً.

[صفحه 82]

ولم يکن المطلوب أکثر من ذلک. وکان ذلک قبل استشهاده صلي الله عليه وآله بسبعين يوماً..



صفحه 81، 82.





  1. الآية 67 من سورة المائدة.