الصخب والغضب











الصخب والغضب



لقد ذکرت الروايات الصحيحة: أن رسول الله [صلي الله عليه وآله]، قد خطب الناس في حجة الوداع؛ في عرفة، فلما أراد أن يتحدث في أمر الإمامة وذکر حديث الثقلين[1] ، ثم ذکر عدد الأئمة، وأنهم اثنا عشر، واجهته فئات من الناس بالضجيج والفوضي، إلي حد أنه لم يتمکن من إيصال کلامه إلي الناس.

وقد صرح بعدم التمکن من سماع کلامه کل من: أنس، وعبدالملک بن عمير، وعمر بن الخطاب، وأبي جحيفة، وجابر بن سمرة[2] ـ ولکن رواية هذا الأخير، کانت أکثر وضوحاً.

[صفحه 62]

ويبدو أنه قد روي ذلک مرات عديدة، فرويت عنه بأکثر من طريق. فنحن نختار بعض نصوصها ـ ولاسيما ما ورد منها في الصحاح والکتب المعتبرة، فنقول:

1ـ في مسند أحمد؛ حدّثنا عبدالله، حدثني أبو الربيع الزهراني، سليمان بن داود، وعبيدالله بن عمر القواريري، ومحمد بن أبي بکر المقدمي، قالوا: حدثنا حماد بن زيد، حدثنا مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن جابر بن سمرة، قال: خطبنا رسول الله [صلي الله عليه وآله] بعرفات ـ وقال المقدمي في حديثه: سمعت رسول الله [صلي الله عليه وآله] يخطب بمني.

وهذا لفظ حديث أبي الربيع: فسمعته يقول: لن يزال هذا الأمر عزيزاً ظاهراً، حتي يملک اثنا عشر کلهم ـ ثم لغط القوم، وتکلموا ـ فلم أفهم قوله بعد [کلّهم]؛ فقلت لأبي: يا أبتاه، ما بعد کلّهم؟.

قال: «کلّهم من قريش»..

وحسب نص النعماني: «فتکلم الناس، فلم أفهم فقلت لأبي..»[3] .

[صفحه 63]

2ـ عن الشعبي، عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله [صلي الله عليه وآله]: «لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً، يُنصرون علي من ناواهم عليه إلي اثني عشر خليفة.

قال: «فجعل الناس يقومون ويقعدون».

زاد الطوسي: «وتکلم بکلمة لم أفهمها، فقلت لأبي، أو لأخي»..[4] .

وفي حديث آخر عن جابر بن سمرة صرّح فيه: «أن ذلک قد کان في حجة الوداع»[5] .

ومن المعلوم: أن النبي صلي الله عليه وآله لم يحج إلا هذه الحجَّة..[6] 3ـ عن جابر بن سمرة، قال: «خطبنا رسول الله [صلي الله عليه وآله] بعرفات؛ فقال: لا يزال هذا الأمر عزيزاً منيعاً، ظاهراً علي من ناواه حتي يملک اثنا عشر، کلهم ـ قال: فلم أفهم ما بعد ـ قال: فقلت لأبي: ما قال بعد کلّهم؟ قال: «کلّهم من قريش»[7] .



صفحه 62، 63.





  1. راجع: حديث الثقلين، للوشنوي: ص 13 وما ذکره من مصادر..
  2. راجع: کفاية الأثر، للخزاز، وراجع أيضاً: إحقاق الحق [الملحقات] ج13 وغير ذلک.
  3. مسند أحمد ج5، ص 99، والغيبة ـ للنعماني ص 122 و 124.
  4. مسند أحمد ج5، ص 99، والغيبة ـ للطوسي ص 88 و 89، واعلام الوري: 384، والبحار ج 63، ص 236، منتخب الأثر ص 20.
  5. مسند أحمد ج5، ص 99.
  6. راجع: السيرة الحلبية ج3 ص289 مطبعة مصطفي محمد بمصر سنة 1391 هـ والسيرة النبوية لدحلان (بهامش السيرة الحلبية أيضاً ج3 ص2).
  7. مسند أحمد ج5، ص 93 وفي ص 96 في موضعين.