النصوص الصريحة
ثم تذکر الرواية له کلاماً آخر، وجواب ابن عباس له، فکان مما قال: «فأما صرف قومنا عنا الأمر، فعن حسد ـ قد والله ـ عرفته، [صفحه 31] وبغي ـ والله ـ علمته بيننا وبين قومنا»[1] . وحين ظهرت نتائج الشوري التي عينها عمر بن الخطاب، قال رجل من بني مخزوم لعمار: «ما أنت وتأمير قريش لأنفسها»؟! ثم تستمر الرواية إلي أن تذکر: أن المقداد قال: «تالله، ما رأيت مثل ما أتي إلي أهل هذا البيت. وا عجبا لقريش، لقد ترکت رجلاً، ما أقول، ولا أعلم أحداً أقضي بالعدل.. الخ..»[2] . وخطب أبو الهيثم بن التيهان بين يدي أمير المؤمنين علي [عليه السلام]، فقال: «إن حسد قريش إياک علي وجهين: أما خيارهم فتمنوا أن يکونوا مثلک منافسة في الملأ، وارتفاع الدرجة. وأما شرارهم فحسدوک حسداً أنغَل القلوب، وأحبط الأعمال. وذلک أنهم رأوا عليک نعمة قدَّمک إليها الحظ، وأخَّرهم عنها الحرمان، فلم يرضوا [صفحه 32] أن يلحقوک حتي طلبوا أن يسبقوک. فبعدت ـ والله ـ عليهم الغاية، وأسقط المضمار. فلما تقدمتهم بالسبق، وعجزوا عن اللحاق بک بلغوا منک ما رأيت، وکنت والله أحق فريش بشکر قريش»[3] . وعمرو بن عثمان بن عفان أيضاً قال: «ما سمعت کاليوم إن بقي من بني عبد المطلب علي وجه الأرض أحد بعد قتل الخليفة عثمان ـ إلي أن قال ـ: فيا ذلاه، أن يکون حسن وسائر بني عبد المطلب ـ قتلة عثمان ـ أحياء يمشون علي مناکب الأرض..»[4] . إنهم يقولون هذا مع أنهم يعلمون: أن الحسن [عليه السلام] کان يدافع عن عثمان وهو محاصر في داره. وعن علي بن الحسين [عليه السلام]، أنه قال: «ما بمکة والمدينة عشرون رجلاً يحبنا»[5] . ودخل العباس علي رسول الله [صلي الله عليه وآله]، فقال: «يا رسول الله. إنا لنخرج فنري قريشاً تُحَدِّث؛ [صفحه 33] فإذا رأونا سکتوا». فغضب رسول الله [صلي الله عليه وآله]، ودرّ عرق بين عينيه[6] . وسئل الإمام السجاد [عليه السلام] ـ وابن عباس أيضاً: ما أشد بغض قريش لأبيک؟!. قال: «لأنه أورد أولهم النار، وألزم آخرهم العار»[7] . وعن ابن عباس: قال عثمان لعلي [عليه السلام]: «ما ذنبي إذا لم يحبک قريش، وقد قتلت منهم سبعين رجلاً، کأن وجوههم سيوف الذهب»[8] . [صفحه 34] وقريب منه ما روي أن ابن عمر، قد قاله لعلي أمير المؤمنينعليه السلام أيضاً[9] . وروي أن العباس قال لرسول الله [صلي الله عليه وآله]: «إن قريشاً، جلسوا، فتذاکروا أحسابهم، فجعلوا مثلک مثل نخلة في کبوة من الأرض، فقال [صلي الله عليه وآله].. الخ. وحسب نص آخر: أن ناساً من الأنصار جاؤوا إلي النبي [صلي الله عليه وآله] فقالوا: إنا لنسمع من قومک، حتي يقول القائل منهم: «إنما مثل محمد مثل نخلة»[10] . أي أن النبي فقط هو الإنسان المقبول في بني هاشم، وهو کنخلة. وهم بمثابة المزبلة التي نبتت تلک النخلة فيها. ويقولون أيضاً: قد کان هوي قريش کافة ما عدا بني هاشم في عثمان[11] . وقال المقداد: وا عجباً لقريش، ودفعهم هذا الأمر عن أهل بيت نبيهم[12] . وقال الثقفي: کانت قريش کلها علي خلافه مع بني [صفحه 35] أمية[13] . وبعد بيعة عثمان تکلم عمار، فذکر: أن قريشاً هي التي صرفت هذا الأمر عن أهل البيت [عليهم السلام]، ثم قال المقداد لعبد الرحمن بن عوف: «يا عبد الرحمن، اعجب من قريش، إنما تطوُّلهم علي الناس بفضل أهل هذا البيت، قد اجتمعوا علي نزع سلطان رسول الله [صلي الله عليه وآله] بعده من أيديهم. أما وأيم الله يا عبد الرحمن، لو أجد علي قريش أنصاراً لقاتلتهم کقتالي إياهم مع النبي [عليه الصلاة والسلام] يوم بدر»[14] . «وبعد أن بايع الناس علياً [عليه السلام] قام أبو الهيثم، وعمار، وأبو أيوب، وسهل بن حنيف، وجماعة معهم، فدخلوا علي علي [عليه السلام]، فقالوا: يا أمير المؤمنين، انظر في أمرک، وعاتب قومک هذا الحي من قريش، فانهم قد نقضوا عهدک، واخلفوا وعدک، ودعونا في السر إلي رفضک»[15] . کما أن البراء بن عازب قد ذکر: أنه حين توفي رسول الله [صلي الله عليه وآله] تخوف أن تتمالأ قريش علي [صفحه 36] إخراج هذا الأمر عن بني هاشم[16] . وروي: أن النبي [صلي الله عليه وآله] قد قال لعلي [عليه السلام]: «إن الأمة ستغدر بک بعدي»[17] . کما أنه [صلي الله عليه وآله] قد أخبر أمير المؤمنين، بأن في صدور أقوام ضغائن، لا يبدونها له إلا بعده. وفي بعض المصادر: أن ذلک کان منه [صلي الله عليه وآله] حين حضرته الوفاة[18] .
قال عثمان بن عفان لابن عباس: «لقد علمت: أن الأمر لکم، ولکن قومکم دفعوکم عنه».
صفحه 31، 32، 33، 34، 35، 36.