جوابه عن المسافة بين المشرق و المغرب











جوابه عن المسافة بين المشرق و المغرب



وقد سئل عن المسافة ما بين المشرق والمغرب؟ فقال عليه السلام: «مسيرة يوم للشمس».[1] .

قال الشارح الخوئي رحمه الله في توضيحها: الأوزان والمقاييس اُمور وضعيّة وليست اُموراً واقعيّة، والغرض منها تقريب الأشياء إلي الذهن من جهة الکمّ أو الکيف، مثلاً: إذا قيل: بين هذا البلد وذاک البلد فرسخان، فلا يفيد هذا التقدير إلّا ما وضعه الواضع من الاصطلاح في معني الفرسخ، وأنّه ثلاثة أميال، والميل کذا وکذا إلي أن يصل إلي أصغر حجم محسوس، کالشعيرة أو حجم الشعر مثلاً.

ومن هنا قالوا: إنّ المسافة اعتبرت من مدّ البصر، فجعل مدّ البصر ميلاً وأخذ منه الذراع والباع وغيره، واعتبر عليه الفرسخ وما زاد، فإذا توجّه إلي مسافات بعيدة لا يحيط بها نطاق المقاييس المعمولة، فلا بدّ من وضع مقياس مناسب لها، وقد تعلّق سؤال السائل بمسافة ما بين المشرق والمغرب، وهذا السؤال مبهم من وجهين:

1 - أنّ المشرق والمغرب ليسا نقطتين معيّنتين، بل في کلّ اُفق لکلّ يوم مشرق ومغرب، ولکلّ مکان مشارق ومغارب، فلا يمکن التعبير عمّا بينهما بأيّ مقياس متعارف للتحديد، مثل کذا وکذا فرسخ مثلاً.

2 - أنّ المشرق والمغرب تارة يعتبر نقطتين من کرة الأرض، واُخري نقطتين متقابلتين من الجوّ المقارب لها، واُخري نقطتين متقابلتين من مکان الشمس عند طلوعها ومکانها عند غروبها، ولهما اعتبارات اُخر بهذا النظر غير محصورة، فلا يمکن التعبير عمّا بينهما بمقياس عرفي مصطلح.

والحقّ في الجواب ما أفاده عليه السلام من أنّ المسافة بينهما مسيرة يوم للشمس، فهو مقياس صحيح اعتبره وابتکره لقياس هذه المسافة، ولم يعبّر عليه السلام إقناعاً کما ذکره ابن ميثم، ولا عدولاً عمّا أراده السائل حذراً من المستمعين، کما ذکره الشارح المعتزلي، فتدبّر.[2] .







  1. نهج البلاغة الحکمة: 286.
  2. شرح نهج البلاغة للخوئي رحمه الله 386:21.