ما يمكن أن يورد علي الحديث وجوابه











ما يمکن أن يورد علي الحديث وجوابه



الأوّل: إن قال قائل: إنّ هذا يقتضي أن يکون عليّ عليه السلام عاصياً بترک الصلاة؛ لأنّه فات الصلاة العصر منه، وهو حرام؟

أقول في الجواب:

أوّلاً: يمکن أن يکون لعلمه عليه السلام برجوع الشمس له، فيأتي صلاته في وقته.

وثانياً: أنّه عليه السلام صلّي إيماءً حذراً من إيذاء رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، کما أشار في بعض الأخبار إلي أنّه عليه السلام صلّي صلاة العصر إيماءً.

ثالثاً: يمکن أن يکون المراد بذهاب الوقت ذهاب وقت الفضيلة، وکذا المراد بفوت الصلاة، فوت فضلها، وفائدة ردّها ليدرک عليه السلام فضيلة الصلاة في أوّل وقتها، ويکون ذلک دلالة علي سموّ محلّه وجلالة قدره في خرق العادة من أجله.

والعمدة في الجواب أنّه عليه السلام مع وجود الرسول الإسلام لا يبقي مجالاً لهذا الإشکال؛ إذ لو کان ترکه عليه السلام لصلاة العصر علي الفرض فعلي النبيّ صلي الله عليه و آله أن يعترض عليه عليه السلام مع أنّه صلي الله عليه و آله لم يعترض عليه فيدلّ علي صحّة عمله عليه السلام.

الثاني: من الإيرادات: إذا کان النبيّ صلي الله عليه و آله هو الداعي بردّ الشمس لعليّ عليه السلام، فالعادة إنّما اُخرقت للنبيّ صلي الله عليه و آله لا لعليّ، فليس هذه فضيلة ولا منقبة لعليّ عليه السلام، بل للرسول صلي الله عليه و آله ؟

أقول في الجواب:

أوّلاً: في بعض الأخبار الّتي مرّت أنّ الداعي هو عليّ عليه السلام بأمر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله.

وثانياً: لو سلّمنا أنّ الداعي إنّما هو النبيّ صلي الله عليه و آله، لکن دعاءه صلي الله عليه و آله بردّ الشمس کان لأجل عليّ عليه السلام ليدرک ما فاته من إتيان الصلاة في وقتها، أو في وقت فضيلتها، فشرف انخراق العادة والفضيلة ينقسم بينهما، أعني النبيّ صلي الله عليه و آله وعليّاً عليه السلام، ولا يکون عليّ عليه السلام محروماً من هذه الفضيلة.

الثالث: من الايرادات ما قيل، وهو العمدة: کيف يصحّ ردّ الشمس وأصحاب الهيئة والفلک يقولون ذلک محال، لا تناله قدرة، ولو فرضنا جواز ردّها علي مذاهب أهل الإسلام، أليس لو ردّت الشمس من وقت الغروب إلي وقت الزوال لکان يجب أن يعلم أهل الشرق والغرب بذلک؛ لأنّها تبطئ بالطلوع علي بعض أهل البلاد فيطول ليلهم علي وجه خارق للعادة، وتمتدّ من نهار قوم آخرين ما لم يکن ممتدّاً. ولا يمکن أن يخفي علي أهل البلاد غروبها، ثمّ عودها طالعة بعد الغروب. وکانت الأخبار تنتشر بذلک وتؤرّخ هذه الحادثة العظيمة في التواريخ وتکون أبهر وأعظم من طوفان نوح؟

أقول في الجواب:

أوّلاً: قد دلّت الأدلّة الصحيحة الواضحة علي أنّ الفلک وما فيه من شمس وقمر ونجوم وغيرها، غير محرّک بنفسه، وأنّ اللَّه تعالي هو المحرّک له والمصرّف باختياره، والّذي فطرهنّ يقدر أن يردّها لحظة لمصلحة يراها وليس هنا موضع ذکر أدلّتها وحججها.

وثانياً: قوله: «لکان يجب أن يعلم أهل المشرق والمغرب» غير واجب؛ لأنّا لا نقول: بأنّ الشمس ردّت من وقت الغروب إلي وقت الزوال أو ما يقاربه، بل نقول: إنّ وقت فضيلة صلاة العصر بعد مضي زمان إتيان صلاة الظهر من دون فصل زائد، ففوات هذا الوقت يتحقّق بمضيّ زمان قليل ولو بمقدار أداء رکعة واحدة، وردّ الشمس بهذا المقدار لدرک الفضيلة ممّا يمکن خفاؤه علي من حضر الحال، فضلاً عن غيرهم.

أمّا قياس ردّ الشمس إلي طوفان نوح، فلا بدّ أن يؤرّخ في التاريخ، فهو باطل في وجوه:

أوّلاً: اختلاف الاُفق يقتضي وقوع ردّ الشمس في المدينة ورؤيته من قبل أهل المدينة فقط، لا سائر البلاد، بخلاف طوفان نوح فإنّه واقع في جميع بلاد تلک الأعصار.

وثانياً: آثار الطوفان باقية، کانهدام البنايات، وبقاء أمتعة النّاس وغيرها، بخلاف ردّ الشمس حيث لم يبق أثر منها.

و ثالثاً: لو کان ذلک العصر - عصر النبيّ صلي الله عليه و آله - کعصرنا هذا مع وجود الساعات وعوامل النجوم والرصد وغيرها لانتشر الخبر واُرّخ في التاريخ والکتب، فظهر ممّا ذکرنا جواب هذا الإيراد برمّته.[1] .







  1. أخذنا الإيرادات مع جوابها من البحار 185:41، عن السيّد المرتضي رحمه الله، فراجعه.