نظرة إجماليّة في دور عليّ عند وفاة رسول اللَّه











نظرة إجماليّة في دور عليّ عند وفاة رسول اللَّه



لقد تربّي عليّ عليه السلام في حجر نبيّ الإسلام صلي الله عليه و آله منذ ولادته، وکان أوّل مَن آمن به من الذکور، وأوّل من صلّي جماعة خلف رسول اللَّه صلي الله عليه و آله مع خديجة.

لقد کان عليّ عليه السلام ناصراً ومعيناً لرسول اللَّه صلي الله عليه و آله في جميع المصاعب الّتي اعترضته صلي الله عليه و آله، فقد بات علي فراش رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ليلة الهجرة؛ ليبقي النبيّ صلي الله عليه و آله سالماً، وينجو من القتل، وکان ينصر الإسلام والمسلمين في جميع الغزوات، وکان فيها - إلّا غزوة تبوک - جنباً إلي جنب مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، ولم يبتعد عن الرسول في أمر قطّ، بل کان ملازماً له ملازمة الظلّ إلي آخر لحظات حياته المبارکة، حيث قُبض رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ورأسه في حجر عليّ عليه السلام، حيث علّمه في تلک اللحظات العلوم الکثيرة، ولم يکن أحد يدرک عظمة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله إلّا عليّ عليه السلام.

عليّ عليه السلام هو الّذي أدّي أمانات رسول اللَّه، وهو وصيّه، وبأمر النبيّ صلي الله عليه و آله تولّي عليّ عليه السلام تغسيل النبيّ صلي الله عليه و آله وتکفينه والصلاة عليه ودفنه، ولا شکّ أنّ الحالات الّتي عاشها النبيّ صلي الله عليه و آله مع عليّ آخر لحظات عمره الشريف تکشف عن مدي القرب والاتّصال بين رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وعليّ عليه السلام، وتفهمنا جيّداً أنّ عليّاً عليه السلام هو المؤهّل الوحيد لخلافة النبيّ صلي الله عليه و آله وليس ثمّة إنسان آخر.

لقد أودع النبيّ صلي الله عليه و آله عليّاً عليه السلام أسرار النبوّة[1] وأوکل إليه أمر تجهيزه، لعلمه وثقته بأنّ عليّاً عليه السلام سينفّذ أوامره، ولا يحيد عنها قيد أنملة، ولم يکن مطمئنّ لغيره هذا الاطمئنان، أفلا يکفي هذا دليلاً قاطعاً، وبرهاناً ساطعاً علي خلافة عليّ عليه السلام للنبيّ صلي الله عليه و آله ؟ وبالرغم من أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله کان يصرّ علي تبيان خلافة عليّ عليه السلام، وأنّه الوصيّ من بعده حتّي في آخر لحظات حياته، مضافاً إلي التأکيدات السابقة، إلّا أنّ هذا الإيداع والتوکيل بحدّ ذاته، ومن دون الصراحة في اللفظ يدلّ علي أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله کان يعتبر عليّاً وصيّه وخليفته دون سائر الخلفاء، خاصّة إذا لاحظنا الحديث القائل: «إنّ الإمام لا يغسّله إلّا إمام»[2] فإنّه صريح في الدلالة علي هذه الحقيقة.

ولقد أشار إلي هذه المنقبة الجميلة المختصّة به المفيدة لمزيد اختصاصه برسول اللَّه صلي الله عليه و آله وقربه منه في خطبة له: «ولقد قُبض رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وإنّ رأسَهُ لَعلي صدري، ولقد سالتْ نفسُه في کفّي، فأمْرَرْتُها علي وجهي، ولقد وَليتُ غُسلَهُ صلي الله عليه و آله والملائکة أعواني».

ثمّ استدلّ بذلک علي أنّه أحقّ وأوْلي بالخلافة، والقيام مقامه، وأنّه علي الحقّ دون غيره قوله عليه السلام: «فَوَالّذي لا إله إلّا هو، إنّي لعلي جادّةِ الحقّ، وإنّهم لعلي مزلّةِ الباطل، أقول ما تَسْمَعُون، وأسْتَغْفِرُ اللَّه لِي ولکم».[3] .







  1. انظر الکافي 292:1، کتاب الحجّة - باب النصّ علي أمير المؤمنين، ح 2.
  2. المصدر المتقدّم: 384، باب إنّ الإمام لا يغسّله إلّا إمام من الأئمّة عليهم السلام.
  3. نهج البلاغة: الخطبة 197.