وفود دارميّة الحجونيّة علي معاوية
قال لها: يا هذه، هل رأيت عليّاً عليه السلام؟ قالت: أي واللَّه. قال: فکيف رأيته؟ قالت: رأيته واللَّه لم يفتنه المُلک الّذي فتنک، ولم تشغله النعمة الّتي شغلتک. قال: فهل سمعتِ کلامه؟ قالت: نعم - واللَّه - کان يجلو القلوب من العمي، کما يجلو الزيت صدأ الطست. قال: صدقت، فهل لک من حاجة؟ قالت: أوَ تفعل إذا سألتک؟ قال: نعم، قالت: تعطيني مائة ناقة حمراء فيها فحلها وراعيها. قال: تصنعين بها ماذا؟ قالت: أغذو بألبانها الصغار، وأستحيي بها الکبار، واکتَسب بها المکارم، وأصلح بها بين العشائر. قال: فإن أعطيتک ذلک، فهل أحلّ عندک محلّ عليّ بن أبي طالب؟ قالت: ماء ولا کصدّأء[2] ومرعي ولا کالسعدان[3] وفتي ولا کمالک[4] يا سبحان اللَّه، أوَ دُونه![5] فأنشأ معاوية يقول: إذ لم أعد بالحلم منّي عليکم خذيها هنيئاً واذکري فعل ماجد ثمّ قال: أما واللَّه لو کان عليّ حيّاً ما أعطاک منها شيئاً، قالت: لا واللَّه ولا وبرة واحدة من مال المسلمين.[6] .
في (العقد الفريد): عن سهل بن أبي سهل التميمي، عن أبيه، قال: حجّ معاوية، سأل عن امرأة من بني کنانة يقال لها دارميّة الحجونيّة، وکانت سوداء، کثيرة اللحم، فاُخبر بسلامتها، فبعث إليها فجي بها، فقال معاوية: ما حالکِ يا بنت حام؟ فقالت: لستُ لِحام إن عبتني، أنا امرأة من بني کنانة، قال: صدقت أتدرين لِمَ بعثتُ إليک؟ قالت: لا يَعلم الغيب إلّا اللَّه، قال معاوية: بعثتُ إليک لأسألک عَلامَ أحببتِ عليّاً عليه السلام وأبغضتني، وواليته وعاديتني؟ قالت: أوتَعفيني؟ قال معاوية: لا أعفيک، قالت: أمّا إذ أبيت، فإنّي أحببتُ عليّاً علي عدله في الرعيّة، وقسمه بالسويّة، وأبغضتک علي قاتلک من هو أوْلي منک بالأمر، وطلبتک ما ليس لک بحقّ، وواليتُ عليّاً علي ما عقد له رسول اللَّه صلي الله عليه و آله من الولاء، وحبّه المساکين، وإعظامه لأهل الدين، وعاديتک علي سَفْکک الدماء، وجورک في القضاء، وحُکمک بالهوي، قال: فلذلک انتفخ بطنک، وعظم ثدياک، وربت عجيزتک، قالت: يا هذا، بهندٍ[1] واللَّه کان يضرب المثل في ذلک لا بي، قال معاوية: يا هذه أربعي، فإنّا لم نقل إلّا خيراً، إنّه إذا انتفخ بطن المرأة ثمّ خلق ولدها، وإذا عظم ثدياها تَرَوّي رضيعُها، وإذا عظمت عجيزتها رزن مجلسها، فرجعت وسکنت.
فمن ذا الّذي بعدي يُؤمّلُ للحِلم
جزاک علي حرب العداوة بالسِّلم