مقتله بيد الحجاج
روي المحقّق الخبير النمازي الشاهرودي عن (إرشاد القلوب): خرج مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة من مسجد الکوفة متوجّهاً إلي داره وقد مضي ربع من الليل ومعه کميل بن زياد، وکان من خيار شيعته ومحبّيه، فوصل في الطريق إلي باب رجل يتلو القرآن في ذلک الوقت ويقرأ: «أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ»[5] الآية، بصوت شجيّ حزين، فاستحسنه کميل في باطنه وأعجبه من غير أن يقول شيئاً، فالتفت عليه السلام إليه، وقال: «يا کميل، لا يعجبک طنطنة الرجل، إنّه من أهل النّار، ساُنبئک فيما بعد»، فتحيّر کميل لمکاشفته له علي ما في باطنه ولشهادته بدخول النّار مع کونه في هذا الأمر وتلک الحالة الحسنة. ثمّ مضت مدّة طويلة إلي أن آل حال الخوارج إلي ما آل، وقاتلهم أمير المؤمنين عليه السلام، فالتفت أمير المؤمنين عليه السلام إلي کميل، وهو واقف بين يديه، والسيف في يده يقطر دماً، ورؤوس هؤلاء الکفرة الفجرة علي الأرض، فوضع عليه السلام رأس السيف علي رأس من تلک الرؤوس وقال: «يا کميل، «أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ» الآية، أي هذا رأس ذلک الشخص الّذي کان يقرأ هذه الآية فأعجبک حاله، فقبّل کميل قدميه واستغفر اللَّه.[6] .
وروي الشيخ المفيد عن جرير، عن المغيرة، قال: لمّا ولي الحجّاج، طَلَب کميل بن زياد فهرب منه، فحرم قومه عطاءهم، فلمّا رأي کميل ذلک قال: أنا شيخ کبير وقد نفد عمري، لا ينبغي أن أحرم قومي عطيّاتهم، فخرج فدفع بيده إلي الحجّاج، فلمّا رآه قال له: لقد کنت اُحبُّ أن أجد عليک سبيلاً. فقال له کميل: لا تَصرِف[1] علَيَّ أنيابک، ولا تهدّم[2] علَيَّ، فواللَّه ما بقي من عمري إلّا مثل کواسل الغبار[3] فاقض ما أنت قاض، فإنّ الموعد اللَّه، وبعد القتل الحساب، ولقد خبّرني أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّک قاتلي. فقال له الحجّاج: الحجّة عليک إذن. فقال له کميل: ذاک إن کان القضاء إليک. قال: بلي، قد کنت فيمن قتل عثمان بن عفّان، اضربوا عنقه، فضربت عنقه.[4] .