كلمة في سيرة أصحابه











کلمة في سيرة أصحابه



لقد کانت سيرة جُلّ أصحابه عليه السلام إن لم يکونوا کلّهم مع کثرتهم يُحبّون عليّاً عليه السلام ويذکرونه بخير وثناء، حتّي إذا حضروا بين يدي معاوية أو غيره من أعدائه جبراً أو اختياراً، فإنّهم لم ينسوا عليّاً عليه السلام وتراهم يذکرونه عليه السلام بکلّ خير وفضيلة وتقوي وورع، وسنذکر هنا بعضاً من الّذين وفدوا علي معاوية، وما کان منهم سواء کانوا ذکوراً أو إناثاً، فإنّ مواقفهم تدلّ علي جلالته عليه السلام عندهم وعظمته لديهم، ولا نري مثلهم في أصحاب أحدٍ إلّا نادراً، فإنّهم تهيّئوا للشهادة والموت لأجل ذکر فضائل عليّ عليه السلام ولم يحل الموت دون بيان مناقبه عليه السلام.

وحبّهم (رضوان اللَّه عليهم) عليّاً عليه السلام لم يکن لزخارف الدنيا ولمقامه وسلطنته، بل کان يحبّونه لعظمة شأنه عليه السلام، وأنّه أوْلي النّاس بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ولمناقبه وفضائله الکثيرة، ولذا نري في کلمات بعض أصحابه ما يُعجب الإنسان من شدّة حُبّهم له، وإيمانهم به، اللّهمّ اجعلنا من محبّيه صلوات اللَّه وسلامه عليه، إنّه هو الإسلام الأصيل والصراط المستقيم، کما أشار الإمام عليه السلام في الحديث التالي.

في (الاختصاص) للشيخ المفيد بسنده عن أبي عبداللَّه البرقي عن أبيه، رفعه، قال: قال عمرو بن الحمق الخزاعي لأمير المؤمنين عليه السلام: واللَّه ما جئتک لمال من الدنيا تعطينيه، ولا لالتماس السلطان ترفع به ذکري إلّا لأنّک ابن عمّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وأوْلي النّاس بالنّاس، وزوج فاطمة سيّدة نساء العالمين عليهاالسلام، وأبو الذرّيّة الّتي بقيت لرسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وأعظم سهماً للإسلام من المهاجرين والأنصار، واللَّه لو کلفّتني نقل الجبال الرواسي، ونزح البحور الطوامي[1] أبداً، حتّي يأتي علَيَّ يومي وفي يدي سيفي أضرب به[2] عدوّک، واُقوّي به وليّک، ويعلو به اللَّه کعبک[3] ويفلج[4] به حجّتک، ما ظننت أنّي أدّيت من حقّک کلّ الحقّ الّذي يجب لک علَيَّ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «اللّهمّ نوِّر قلبه باليقين، واهده إلي الصراط المستقيم، ليت في شيعتي مائة مثلک».[5] .

في (أمالي الصدوق) بالإسناد عن الريّان بن الصلت، عن الرضا عليّ بن موسي، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن عليّ عليهم السلام، قال: «رأي أمير المؤمنين رجلاً من شيعته بعد عهد طويل، وقد أثّر السنّ فيه، وکان يتجلّد في مشيته، فقال: کبر سنّک يا رجل؟ قال: في طاعتک يا أمير المؤمنين، فقال: إنّک لتتجلّد؟ قال: علي أعدائک يا أمير المؤمنين، فقال: أجد فيک بقيّة؟ قال: هي لک يا أمير المؤمنين».[6] .







  1. الطوامي: الممتلي، طمي البحر إذا امتلأ ماء.
  2. في نسخة: «أهزّ به».
  3. الکعب: الشرف والمجد.
  4. الفلج: الفوز والظفر.
  5. الاختصاص: 14، ورواه نصر بن مزاحم في کتاب صفّين: 56، من الطبعة الحجريّة بأدني تفاوت في اللفظ.
  6. أمالي الصدوق - المجلس الثالث والثلاثون: ح 6، والبحار 186:42.