في كيفيّة قتل ابن ملجم لعنه اللَّه











في کيفيّة قتل ابن ملجم لعنه اللَّه



في (البحار) قال الراوي: فلمّا کان الغداة اجتمعوا لأجل قتل الملعون.. قال الراوي: ثمّ إنّه لمّا رجع أولاد أمير المؤمنين عليه السلام وأصحابه إلي الکوفة واجتمعوا لقتل اللعين عدوّ اللَّه ابن ملجم، فقال عبداللَّه بن جعفر: اقطعوا يديه ورجليه ولسانه واقتلوه بعد ذلک، وقال ابن الحنفيّة رحمه الله: اجعلوه غرضاً للنشاب وأحرقوه بالنار، وقال آخر: اصلبوه حيّاً حتّي يموت.

فقال الحسن عليه السلام: «أنا ممتثل فيه ما أمرني به أمير المؤمنين عليه السلام أضربه ضربة بالسيف حتّي يموت فيها، واُحرقه بالنّار بعد ذلک».

قال: فأمر الحسن عليه السلام أن يأتوه به، فجاءوا به مکتوفاً حتّي أدخلوه إلي الموضع الّذي ضرب فيه الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام والنّاس يلعنونه ويوبّخونه، وهو ساکت لا يتکلّم، فقال الحسن عليه السلام: «يا عدوّ اللَّه، قتلت أمير المؤمنين عليه السلام وإمام المسلمين وأعظمت الفساد في الدين»، فقال لهما: يا حسن، يا حسين، عليکما السلام ما تريدان تصنعان بي؟ قالا له: «نُريد قتلک کما قتلتَ سيّدنا ومولانا».

فقال لهما: اصنعا ما شئتما أن تصنعا، ولا تعنّفا من استزلّه الشيطان فصدّه عن السبيل، ولقد زجرت نفسي فلم تنزجر، ونهيتها فلم تنته، فدعها تذوق وبال أمرها ولها عذاب شديد، ثمّ بکي، فقال له: «يا ويلک، ما هذه الرقّة؟ أين کانت حين وضعت قدمک ورکبت خطيئتک؟».

فقال ابن ملجم لعنه اللَّه: «اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِکْرَ اللَّهِ أُولئِکَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ»[1] ولقد انقضي التوبيخ والمعايرة وإنّما قتلتُ أباک وحصلتُ بين يديک، فاصنع ما شئت، وخذ بحقّک منّي کيف شئت؟

ثمّ برک علي رکبتيه، وقال: يابن رسول اللَّه، الحمد للَّه الّذي أجري قتلي علي يديک، فَرَقَّ له الحسن عليه السلام لأنّ قلبه کان رحيماً، فقام الحسن عليه السلام وأخذ السيف بيده وجرّده من غمده، فهزّ به[2] حتّي لاح الموت في حدّه، ثمّ ضربه ضربة أدار بها عنقه، فاشتدّ زحام النّاس عليه، وعلت أصواتهم، فلم يتمکّن من فتح باعه فارتفع السيف إلي باعه فأبراه، فانقلب عدوّ اللَّه علي قفاه يخور في دمه، إلي أن قال: وعجّل اللَّه بروحه إلي النّار وبئس القرار، ثمّ جمعوا جُثّته وأخرجوه من المسجد، وجمعوا له حطباً وأحرقوه بالنّار.[3] وقيل: طرحوه في حفرة وطمّوه بالتراب وهو يعوي کعويّ الکلاب في حفرته إلي يوم القيامة.[4] .

و روي الطبري و ابن اثير في تاريخهما: فلمّا قبض أمير المؤمنين عليه السلام بعث الحسن إلي ابن ملجم فقال للحسن: هل لک فيَّ خصلة؟ إنّي واللَّه ما أعطيتُ اللَّه عهداً إلّا وفيتُ به، إنّي کنتُ قد أعطيتُ اللَّه عهداً عند الحطيم أن أقتل عليّاً ومعاوية، أو أموت دونهما، فإن شئت خلّيتَ بيني وبينه، ولک اللَّه علَيَّ إن لم أقتله أو قتلته ثمّ بقيتُ أن آتيک حتّي أضع يدي في يدک، فقال له الحسن: «أما واللَّه حتّي تعاين النّار، فلا»، ثمّ قدّمه فقتله، ثمّ أخذه النّاس فأدرجوه في بواريّ، ثمّ أحرقوه بالنّار.[5] .







  1. سورة المجادلة: 19.
  2. فهزّ به: أي حرّکه.
  3. البحار 296:42.
  4. المصدر المتقدّم: 298.
  5. تاريخ الطبري 114:4، والکامل في التاريخ 436:2.