في تغسيله و تكفينه











في تغسيله و تکفينه



قال محمّد بن الحنفيّة: لمّا کانت ليلة إحدي وعشرين وأظلم الليل، وهي الليلة الثانية من الکائنة، جمع أبي أولاده وأهل بيته، وودّعهم إلي أن قال: «أحسن اللَّه لکم العزاء، ألا وإنّي منصرف عنکم وراحل في ليلتي هذه، ولاحقٌ بحبيبي محمّد صلي الله عليه و آله کما وعدني، فإذا أنا متُّ يا أبا محمّد فغسّلني وکفّني وحنّطني ببقيّة حنوط جدّک رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فإنّه من کافور الجنّة جاء به جرئيل إليه[1] ثمّ ضعني علي سريري، ولا يتقدّم أحدٌ منکم مقدّم السرير، واحملوا مؤخّره، واتّبعوا مقدّمه، فأيّ موضع وضع المقدّم فضعوا المؤخّر، فحيث قام سريري فهو موضع قبري، ثمّ تقدّم يا أبا محمّد، وصلِّ علَيَّ يا بني يا حسن، وکبّر علَيَّ سبعاً، واعلم أنّه لا يحلّ ذلک علي أحدٍ غيري إلّا علي رجل يخرج في آخر الزمان اسمه القائم المهدي من ولد أخيک الحسين، يُقيم اعوجاج الحقّ، فإذا أنت صلّيت علَيَّ يا حسن فنحِّ السرير عن موضعه، ثمّ اکشف التراب عنه فتري قبراً محفوراً، ولحداً مثقوباً، وساجة منقوبة، فاضجعني فيها، فإذا أردت الخروج من قبري فافتقدني، فانّک لا تجدني،وإنّي لاحق بجدّک رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، واعلم يا بنيّ، ما من نبيّ يموت وإن کان مدفوناً بالمشرق ويموت وصيّه بالمغرب إلّا ويجمع اللَّه عزّ وجلّ بين روحيهما وجسديهما، ثمّ يفترقان، فيرجع کلّ واحد منهما إلي موضع قبره، وإلي موضعه الّذي حُطّ فيه، ثمّ أشرج[2] اللّحد باللبن، وأهلِّ التراب علَيَّ، ثمّ غيّب قبري».[3] .

ثمّ يا بُنيّ بعد ذلک إذا أصبح الصباح أخرجوا تابوتاً إلي ظاهر الکوفة علي ناقة، وامُر بمن يُسيّرها بما عليها کأنّما تريد المدينة، بحيث يخفي علي العامّة موضع قبري الّذي تضعني فيه، وکأنّي بکم وقد خرجت عليکم الفتن من هاهنا وهاهنا فعليکم بالصبر فهو محمود العاقبة.[4] .







  1. وفي تاريخ دمشق - ترجمة الإمام عليّ عليه السلام 301:3، عن هارون بن معد، قال: کان عند عليّ عليه السلام مسک أوصي أن يحنّط به، وقال: «فضل من حنوط رسول اللَّه صلي الله عليه و آله».
  2. شرج الحجارة: نضدّها وضمّ بعضها إلي بعض.
  3. قال المجلسي ذيل هذا الکلام: وکان غرض مولانا عليّ عليه السلام بإخفاء قبره لئلّا يعلم بموضع قبره أحد من بني اُميّة، فإنّهم لو علموا بموضع قبره لحفروه وأخرجوه وأحرقوه کما فعلوا بزيد بن عليّ بن الحسين عليهماالسلام.
  4. البحار 291:42.