ما حدث حين حمله إلي منزله ورفقه باللعين











ما حدث حين حمله إلي منزله ورفقه باللعين



في (البحار): قال محمّد بن الحنفيّة: ثمّ إنّ أبي عليه السلام قال: «احملوني إلي موضع مصلّاي في منزلي»، قال: فحملناه إليه وهو مدنف[1] والنّاس حوله، وهم في أمر عظيم باکين محزونين، قد أشرفوا علي الهلاک من شدّة البکاء والنحيب، ثمّ التفت إليه الحسين وهو يبکي، فقال له: «يا أبتاه، مَن لنا بعدک؟ لا يوم کيومک إلّا يوم رسول اللَّه صلي الله عليه و آله من أجلک تعلّمت البکاء، يعزُّ واللَّهِ عَلَيَّ أن أراک هکذا»، فناداه عليه السلام فقال: «يا حسين، يا أبا عبداللَّه، ادن منّي»، فدنا منه وقد قرحت أجفان عينيه من البکاء، فمسح الدموع من عينيه، ووضع يده علي قلبه، وقال له: «يا بُنيّ، رَبَطَ اللَّهُ قَلبک بالصبر، وأجزلَ لک ولإخواتک عظيم الأجر، فسکّن روعتک، واهدأ من بکائک، فإنّ اللَّه قد آجرک علي عظيم مصابک»، ثمّ اُدخل عليه السلام إلي حجرته وجلس في محرابه.

قال الراوي: وأقبلت زينب واُمّ کلثوم حتّي جلستا معه علي فراشه، وأقبلتا تندبانه وتقولان: يا أبتاه، من للصغير حتّي يکبر؟ ومن للکبير بين الملأ؟ يا أبتاه حزننا عليک طويل، وعبرتنا لا ترقأ[2] قال: فضجّ النّاس من وراء الحجرة بالبکاء والنحيب، وفاضت دموع أمير المؤمنين عند ذلک، وجعل يقلّب طرفه وينظر إلي أهل بيته وأولاده، ثمّ دعا الحسن والحسين، وجعل يحضنهما ويقبّلهما، ثمّ اُغمي عليه ساعة طويلة وأفاق... فلمّا أفاق ناوله الحسن عليه السلام قعباً من لبن، فشرب منه قليلاً، ثمّ نحّاه عن فيه، وقال: «احملوه إلي أسيرکم»، ثمّ قال للحسن عليه السلام: «بحقّي عليک - يا بنيّ - إلّا ما طيّبتم مطعمه ومشربه، وأرفقوا به إلي حين موتي، وتطعمه ممّا تأکل وتسقيه ممّا تشرب حتّي تکون أکرم منه»، فعند ذلک حملوا إليه اللبن وأخبروه بما قال أمير المؤمنين عليه السلام في حقّه، فأخذه اللعين وشربه.[3] .







  1. الدنف: المرض الثقيل.
  2. رقأ الدمع: جفّ وانقطع.
  3. البحار 288:42.