ابن ملجم بين يدي أمير المؤمنين ورفقه











ابن ملجم بين يدي أمير المؤمنين ورفقه



ثمّ قال في (البحار): وما کان إلّا ساعة وإذا بالصيحة قد ارتفعت، وزمرة من النّاس قد جاءوا بعدوّ اللَّه ابن ملجم مکتوفاً، هذا يلعنه وهذا يضربه، قال: فوقع النّاس بعضهم علي بعض ينظرون إليه، وهم ينهشون لحمه بأسنانهم، ويقولون له: يا عدوّ اللَّه، ما فعلت؟ أهلکتَ اُمّة محمّد، وقتلتَ خير النّاس؟ وإنّه لصامت وبين يديه رجل يقال له: حذيفة النخعي، بيده سيف مشهور، وهو يردّ النّاس عن قتله، وهو يقول: هذا قاتل الإمام عليّ عليه السلام، حتّي أدخلوه المسجد.

إلي أن قال: فلمّا جاءوا به أوقفوه بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام، فلمّا نظر إليه الحسن عليه السلام قال له: «يا ويلک يا لعين، يا عدوّ اللَّه، أنت قاتل أمير المؤمنين، ومثکلنا إمام المسلمين؟ هذا جزاؤه منک حيث آواک وقرّبک وأدناک وآثرک علي غيرک؟ وهل کان بئس الإمام لک حتّي جازيته هذا الجزاء يا شقيّ؟!». قال: فلم يتکلّم بل دمعت عيناه!... فقال: يا أبا محمّد، أفأنت تنقذ مَن في النّار؟ فعند ذلک ضجّت النّاس بالبکاء والنحيب، فأمرهم الحسن عليه السلام بالسکوت، ثمّ التفت الحسن عليه السلام إلي الّذي جاء به يعني حذيفة فقال له: «کيف ظفرت بعدوّ اللَّه وأين لقيته؟» الحديث.[1] .

وفي (البحار) عن عبداللَّه بن محمّد الأزدي، وکذا في (شرح ابن أبي الحديد)، قال في رفقه عليه السلام لعدوّه: فلمّا دخل ابن ملجم علي أمير المؤمنين عليه السلام، نظر إليه ثمّ قال: «النفس بالنفس، فإن أنا مُتُّ فاقتلوه کما قَتلني، وإن أنا عشت[2] رأيتُ فيه رأيي». فقال ابن ملجم: واللَّه! لقد ابتعتُه (يعني السيف) بألف، وسمّمته بألف، فإن خانني فأبعده اللَّه. قال: ونادته اُمّ کلثوم: يا عدوّ اللَّه، قتلت أمير المؤمنين؟ قال: إنّما قتلتُ أباک، قالت: ياعدوّ اللَّه، إنّي لأرجو أن لا يکون عليه بأس، قال لها: فأراک إنّما تبکين علَيَّ إذن؟ لقد واللَّه ضربتُه ضربةً لو قُسّمت علي (بين) أهل الأرض لأهلکتهم.[3] .

قال أبو الفرج: واُخرج ابن ملجم من بين يديه عليه السلام، وانصرف النّاس من صلاة الصبح، فأحدقوا بابن ملجم، ينهشون لحمه بأسنانهم کأنّهم سباع، وهم يقولون: يا عدوّ اللَّه، ماذا فعلت؟ أهلکتَ اُمّة محمّد، وقتلت خير النّاس، وإنّه لصامت ما ينطق، فذهب به إلي الحبس؟[4] .

وقال ابن الصبّاغ المالکي: قال عليّ عليه السلام للحسن: «يا حسن، أبصروا ضاربي، أطعموه من طعامي، واسقوه من شرابي، فإن أنا عشتُ فأنا أوْلي بحقّي، وإن مُتُّ فاضربوه ضربةً، ولا تمثّلوا به، فإنّي سمعتُ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: إيّاکم والمُثلة ولو بالکلب العقور».[5] .

ثمّ قال: «يا بني عبدالمطّلب، لا ألفينّکم تريقون دماء المسلمين بعدي، تقولون: قتلتم أمير المؤمنين، ألا لا يقتلنّ بي إلّا قاتلي، ثمّ لم ينطق إلّا بلا إله إلّا اللَّه حتّي قُبض.[6] .







  1. راجع: البحار 285 - 282: 42.
  2. في نسخة: «سلمت».
  3. شرح ابن أبي الحديد 118:6، وکذا في البحار 231:42، ومقاتل الطالبيّين: 22.
  4. مقاتل الطالبيّين: 22، ونحوه في البحار 231:42.
  5. الفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالکي: 136.
  6. الفصول المهمّة: 136.