كلمة في تاريخ شهداته وعمره المبارك











کلمة في تاريخ شهداته وعمره المبارک



من الوقائع المسلّمة تاريخيّاً ضربة عبدالرحمن بن ملجم المرادي لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام في محراب الصلاة بمسجد الکوفة؛ إذ کان عليه السلام صائماً يصلّي الصبح، ممّا أدّي إلي شقّ هامته عليه السلام، وقد التحقت روحه المقدّسة بالرفيق الأعلي إلي جوار الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله بعد يومين.

وقد وقع الخلاف بين المؤرّخين في تاريخ شهادته ومقدار عمره الشريف، وسنشير إلي بعض الأقوال في هذا المورد:

1- قال ابن الأثير: و في هذه السنة (سنة 40) قُتل عليّ في شهر رمضان لسبع عشرة خلت منه، وقيل: لإحدي عشرة، وقيل: لثلاث عشرة بقيت منه، وقيل في شهر ربيع الآخر سنة أربعين، والأوّل أصحّ.[1] .

2- قال العلّامة السيّد محسن الأمين: قُتل (صلوات اللَّه عليه) سنة 40 من الهجرة في شهر رمضان، ضُرب ليلة التاسع عشر، ليلة الأربعاء، وقُبض ليلة الجمعة إحدي وعشرين علي المعروف بين أصحابنا، وعليه عمل الشيعة اليوم.[2] .

3- روي أبو جعفر الطبري، عن محمّد بن عمر: قُتل عليّ عليه السلام وهو ابن ثلاث وستّين سنة، صبيحة ليلة الجمعة، لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة) 40 (، ودفن عند مسجد الجماعة في قصر الإمارة.[3] .

4- وروي ابن عساکر الشافعي: عن محمّد بن عثمان، قال: قال أبي: وولّي عليّ بن أبي طالب خمس سنين، وقُبض وهو ابن سبع وخمسين، قال أبي: وأهل بيته يقولون: قُبض وهو ابن ثلاث وستّين.[4] .

5- وعنه أيضاً: عن أبي جعفر بن أبي شيبة، قال: ونحن نقول: إنّ عليّاً عليه السلام أسلم وهو ابن سبع سنين، وصحب النبيّ صلي الله عليه و آله عشرين سنة، وعاش بعد النبيّ صلي الله عليه و آله ثلاثين سنة، وقُبض ابن سبع وخمسين سنة، قال أبي: وأهل بيته يقولون: أسلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة.[5] .

6- قال الکليني في (الکافي): ولد أمير المؤمنين عليه السلام بعد عام الفيل بثلاثين سنة، وقُتل في شهر رمضان لتسع بقين منه، ليلة الأحد سنة أربعين من الهجرة، وهو ابن ثلاث وستّين سنة، بقي بعد قبض النبيّ صلي الله عليه و آله ثلاثين سنة، واُمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبدمناف، وهو أوّل هاشمي ولده هاشم مرّتين.[6] .

7- وروي المجلسي عن (المناقب): قُبض (صلوات اللَّه عليه) قتيلاً في مسجد الکوفة وقت التنوير، ليلة الجمعة، لتسع عشرة ليلة مضين من شهر رمضان، علي يدي عبدالرحمن بن ملجم المرادي (لعنه اللَّه)، وقد عاونه وردان بن مجالد بن تيم الرباب، وشبيب بن بجرة، والأشعث بن قيس، وقطام بنت الأخضر، فضربه سيفاً علي رأسه مسموماً، فبقي يومين إلي نحو الثلث من الليل، وله يومئذٍ خمس وستّون سنة في قول الصادق عليه السلام، وقالت العامّة: ثلاث وستّون سنة، عاش مع النبيّ صلي الله عليه و آله بعد إسلامه بمکّة ثلاث عشرة سنة، وبالمدينة عشر سنين، وقد کان هاجر وهو ابن أربع وعشرين سنة، وضَرَبَ بالسيف بين يدي النبيّ صلي الله عليه و آله وهو ابن ستّ عشرة سنة، وقتل الأبطال وهو ابن تسع عشرة سنة، وقلعَ باب خيبر وله ثمان وعشرون سنة.

وکانت مدّة إمامته ثلاثون سنة: منها أيّام أبي بکر سنتان وأربعة أشهر، وأيّام عمر تسع سنين ؤشهر، وعن الفرياني: عشر سنين وثمانية أشهر، وأيّام عثمان اثنتا عشرة سنة، ثمّ آتاه اللَّه الحقّ خمس سنين وأشهراً.

وکان عليه السلام أمر بأن يُخفي قبره؛ لما عرف من بني اُميّة وعداوتهم فيه إلي أن أظهره الصادق عليه السلام، ثمّ إنّ محمّد بن زيد الحسني أمر بعمارة الحائر بکربلاء والبناء عليهما، وبعد ذلک زيد فيه، وبلغ عضد الدولة الغاية في تعظيمهما والإيقاف عليهما.[7] .

8- وقال الشيخ المفيد: وکانت وفاة أمير المؤمنين عليه السلام قبيل الفجر من ليلة الجمعة ليلة إحدي وعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة، قتيلاً بالسيف، قتله ابن ملجم المرادي (لعنه اللَّه) في مسجد الکوفة، وقد خرج عليه السلام يُوقِظُ النّاس لصلاة الصبح ليلة تسع عشرة من شهر رمضان، وقد کان ارتصده من أوّل الليل لذلک، فلمّا مرّ به في المسجد وهو مُستَخفٍ بأمره مُماکرٌ بإظهار النوم في جملة النيّام، ثار إليه فضربه علي اُمّ رأسه بالسيف وکان مسموماً، فمکث يوم تسعة عشر وليلةَ عشرين ويومها وليلة إحدي وعشرين إلي نحو الثلث الأوّل من الليل، ثمّ قضي نحبه عليه السلام شهيداً، ولقي ربّه تعالي مظلوماً.

وقد کان عليه السلام يعلم ذلک قبل أوانه، ويُخبِر به النّاسَ قبلَ زمانهِ، وتولّي غسلَهُ وتکفينَهُ ودفنَهُ ابناه الحسن والحسين عليهماالسلام بأمره، وحَمَلاه إلي الغَرِيّ من نجف الکوفة، فَدَفَناه هناک، وعَفّيا مُوضِعَ قبره، بوصيّةٍ کانت منه إليهما في ذلک؛ لمّا کان يعلمه عليه السلام من دولة بني اُميّة بعده واعتقادهم في عداوته وما ينتهون إليه بسوء النيّات فيه من قبيح الفعال والمقال بما تمکّنوا من ذلک، الحديث.[8] .







  1. الکافي في التاريخ 433:2.
  2. أعيان الشيعة 530:1.
  3. تاريخ الطبري 116:4.
  4. تاريخ دمشق - ترجمة الإمام عليّ عليه السلام 318:3، ح 1429.
  5. تاريخ دمشق - ترجمة الإمام عليّ عليه السلام 318:3، ح 1429.
  6. الکافي 452:1، باب مولد أمير المؤمنين، قوله: «ولده هاشم مرّتين»، أي ولد من هاشميَّين.
  7. البحار 199:42.
  8. الإرشاد للمفيد 10:1.