رواية سمرة بن جُندب











رواية سمرة بن جُندب



قال أبو جعفر الاسکافي: وقد روي أنّ معاوية بذل لسمرة بن جُندب مائة ألف درهم حتّي يروي أنّ هذه الآية نزلت في عليّ بن أبي طالب: «وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُکَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَي مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ × وَإِذَا تَوَلَّي سَعَي فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِکَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ»[1] وأنّ الآية الثانية نزلت في ابن ملجم، وهي قوله تعالي: «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ»[2] فلم يقبل، فبذل مائتي ألف درهم، فلم يقبل، فبذل له ثلاثمائة ألف فلم يقبل، فبذل له أربعمائة ألف، فقبل.[3] .

فإنّه کان منافقاً وبخيلاً؛ لأنّه هو الّذي ضرب ناقة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله القصوي بعنزة له علي رأسها فشجّها، فخرجت إلي النبيّ صلي الله عليه و آله فشکته.

ومن الأحاديث الدالّة علي خبث باطن هذا الرجل الملعون رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام، قال: «إنّ سمرة بن جُندب کان له عذقٌ[4] في حائط لرجل من الأنصار، وکان منزل الأنصاري بباب البستان، وکان يمرّ به إلي نخلته ولا يستأذن، فکلّمه الأنصاري أن يستأذن إذا جاء، فأبي سمرة، فلمّا تأبّي جاء الأنصاري إلي رسول اللَّه فشکا إليه وخبّره الخبر، فأرسل إليه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وخبّره بقول الأنصاري، وما شکا، وقال: إن أردت الدخول فاستأذن؟ فأبي، فلمّا أبي ساومه حتّي بلغ به من الثمن ما شاء اللَّه فأبي أن يبيع، فقال: لک بها عذق يمدّ لک[5] في الجنّة، فأبي أن يقبل، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله للأنصاري: اذهب، فاقلعها وارم بها إليه، فإنّه لا ضرر ولا ضرار».[6] .

فإذا کان يعارض النبيّ صلي الله عليه و آله في بعض الاُمور ولا يأبي عن أذيّة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لنخلة، فکيف حاله إذا سخّر له معاوية الأموال الطائلة.

والوضّاعون ممّن أعمتهم المادّة واستهوتهم المناصب کثيرون، وأحاديثهم کثيرة نحيل القارئ إلي مظانّها کشرح ابن أبي الحديد، الجزء الرابع وغيره.







  1. سورة البقرة: 204 و 205.
  2. سورة البقرة: 207.
  3. شرح ابن أبي الحديد 73:4، وسفينة البحار 654:1.
  4. العذق: النخل بحملها.
  5. قوله: «يمدّ لک» في التهذيب «مذلّل»، وهو کقوله تعالي: «ذُلِّلَت قُطوفها»، أي سويّت عناقيدها.
  6. الکافي 292:5، سفينة البحار 654:1، مادة «سمر».