في تسخير معاوية العملاء وشراء الذمم











في تسخير معاوية العملاء وشراء الذمم



لقد سخّر معاوية عدداً من العملاء ممّن أعمت قلوبهم المادّة وتمسّکوا بحطام الدنيا وآثروه علي رضي الخالق العزيز، وقد بذل لهم معاوية الأموال الطائلة والمناصب العالية، مستغلّاً کونهم ممّن أدرک عصر الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله أو أنّهم مقرّبون لأحد صحابته، وذلک لکي يختلقوا الأحاديث وينتحلوها علي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله مدّعين أنّه صلي الله عليه و آله قالها ذمّاً لعليّ عليه السلام!

وإنّما عمل معاوية لعنه اللَّه ذلک کي يدوم حکمه لبضعة أيّام اُخري، ولکي يتقرّب إلي قلوب الناس؛ لأنّ ماضيه الّذي لا يحسد عليه ليس فيه ميزة أو خصلة تجذب الجماهير إليه، کما أنّه لم يسجّل ولا موقفاً واحداً في عصر الرسول الأکرم صلي الله عليه و آله يجعله ذا بال أو ممّن يشار إليه بالبنان، بل إنّه کان وأبوه من رؤوس الکفر والإلحاد، لذا لم يجد له ما يقرّبه إلي قلوب النّاس سوي هذه الفعلة الّتي بقيت لعنة له ولمن تمسّک به علي طول التاريخ.

لقد کانت القلوب متوجّهة صوب عليّ عليه السلام سيّما بعد الثورة الّتي أطاحت بعثمان؛ وذلک لأنّ فضائل عليّ عليه السلام ومناقبه کانت قد ملأت العيون والمشاهد والأسماع وثبتت في قلوب النّاس قبل أن تسجّلها أقلامهم، لذا لم يجد معاوية بدّاً إلّا أن يسعي لأجل انتزاع هذا التوجّه وهذه المحبّة من قلوب النّاس، وأن يجعل من نفسه رجلاً محبوباً مقرّباً إلي نفوس الجماهير بشتّي الوسائل والأساليب.

قال الشارح المعتزلي عن شيخه أبي جعفر الإسکافي:[1] إنّ معاوية وضع قوماً من الصحابة وقوماً من التابعين علي رواية أخبار قبيحة في عليّ عليه السلام تقتضي الطعن فيه والبراءة منه، وجعل لهم علي ذلک جُعلاً يُرغَبُ في مثله، فاختلقوا ما أرضاه، منهم أبو هريرة، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، ومن التابعين، عروة بن الزبير.[2] .

أقول: لکنّ الشمس لا تُحجب بغربال، فشمس عليّ عليه السلام أبت إلّا أن تخرج من الظلام الّذي اصطنعه النواصب علي مدي التاريخ، وبقيت أشعّة فضائله ومناقبه عليه السلام تشرق علي الدنيا في کلّ العصور لتغطّيها بمکارم الأخلاق، ولعلّ المقارنة بين قبره عليه السلام وقبر معاوية خير شاهد علي ما نقول:


چراغي را که ايزد بر فروزد
هر آنکس پف کند ريشه اش بسوزد


وسنشير إلي نماذج من الأخبار الموضوعة من قِبل معاوية وأتباعه لنتبيّن من خلالها علي مظلوميّة أمير المؤمنين عليه السلام.







  1. من متکلّمي المعتزلة وأحد أئمّتهم.
  2. شرح ابن أبي الحديد 63:4.