قتال أصحابه مع معسكر معاويه خصوصاً مالك الأشتر











قتال أصحابه مع معسکر معاويه خصوصاً مالک الأشتر



عن نصر بن مزاحم، عن عمرو بن شمر، عن أبي ضرار، عن عمّاد بن ربيعة، قال: غلّس عليّ عليه السلام بالناس صلاة الغداة يوم الثلاثاء عاشر شهر ربيع الأول، سنة سبع وثلاثين. وقيل: عاشر شهر صفر، ثمّ زحف إلي أهل الشام بعسکر العراق، والنّاس علي راياتهم وأعلامهم، وزَحفَ إليهم أهل الشام وقد کانت الحرب أکلت الفريقين، ولکنّها في أهل الشام أشدّ نکاية، وأعظم وقعاً، فقد ملُّوا الحرب وکرهوا القتال، وتَضعضعت أرکانهم.

إلي أن مضي الليالي و الايام بعد سنة و انتهي الي ليلة المعروف بليلة الهرير، فان الأشتر يسير فيما بين الميمنة والميسرة، فيأمر کلّ قبيلة أو کتيبة من القرّاء بالإقدام علي الّتي بينها، فاجتلدوا بالسيوف وعُمد الحديد، من صلاة الغداة من اليوم المذکور إلي نصف الليل، لم يصلّوا للَّه صلاة، فلم يزل الأشتر يفعلُ ذلک حتّي أصبح والمعرکة خلف ظهره، وافترقوا عن سبعين ألف قتيل في ذلک اليوم، وتلک الليلة، وهي ليلة الهرير المشهورة، وکان الأشتر في ميمنة النّاس، وابن عبّاس في الميسرة، وعليّ عليه السلام في القلب والنّاس يقتتلون.

ثمّ استمرّ القتال من نصف الليل الثاني إلي ارتفاع الضحي، والأشتر يقول لأصحابه وهو يزحف بهم نحو الشام: ازحفوا قيد رمحي هذا، إلي أن قال: ثمّ دعا بفرسه ورکز رايته - وکانت مع حبّان بن هوذة النخعي - وسار بين الکتائب وهو يقول: ألا مَن يشتري نفسه للَّه ويقاتل مع الأشتر، حتّي يظهر أو يلحق باللَّه! فلا يزالُ الرجل من النّاس يخرج إليه فيقاتل معه.[1] .

وروي ابن أبي الحديد عن نصر عن رجاله، قال: لمّا بلغ القوم ما بلغوا إليه، قام عليّ عليه السلام خطيباً، فحمد اللَّه وأثني عليه، وقال: «أيّها النّاس، قد بلغ بکم الأمر وبعدوّکم ما قد رأيتم، ولم يبق منهم إلّا آخر نفس، وأنّ الاُمور إذا أقبلت اعتبر آخرُها بأوّلها، وقد صبر لکم القوم علي غير دين، حتّي بلغنا منهما بلغنا وأنا غادٍ عليهم بالغداة اُحاکمهم إلي اللَّه».[2] .







  1. راجع شرح ابن أبي الحديد 206:2.
  2. المصدر المتقدّم 209:2.