كلمة في حديث ردّ الشمس لعليّ











کلمة في حديث ردّ الشمس لعليّ



قال الکازروني في حوادث سنة سبع: طلعت الشمس بعد ما غربت لعليّ عليه السلام.[1] .

وقال المفيد: وممّا أظهره اللَّه تعالي من الأعلام الباهرة علي يد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام ما استفاضت به الأخبار، ورواه علماء السير والآثار، ونظمت فيه الشعراء والأشعار، رجوع الشمس له مرّتين: في حياة النبيّ صلي الله عليه و آله مرّة، وبعد وفاته اُخري.

وکان من حيث رجوعها عليه في المرّة الاُولي، ما روته أسماء بنت عُميس، واُمّ سلمة زوجة النبيّ صلي الله عليه و آله، وجابر بن عبداللَّه الأنصاري، وأبو سعيد الخدري، وجماعة من الصحابة: أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله کان ذات يوم في منزله وعليّ عليه السلام بين يديه، إذ جاءه جبرئيل عليه السلام يناجيه عن اللَّه سبحانه، فلمّا تغشّاه الوحي توسّد فخذ أمير المؤمنين عليه السلام، فلم يرفع رأسه عنه حتّي غربت الشمس، فاضطرّ أمير المؤمنين لذلک إلي صلاة العصر، فصلّي أمير المؤمنين عليه السلام جالساً يومئ برکوعه وسجوده إيماءً، فلمّا أفاق صلي الله عليه و آله من غشيته، قال لأمير المؤمنين عليه السلام: «أفاتتک صلاة العصر؟». قال: «لم أستطع أن اُصلّيها قائماً لمکانک يا رسول اللَّه، والحال الّتي کنتَ عليها في استماع الوحي».

فقال له صلي الله عليه و آله: «اُدع اللَّه حتّي يردّ عليک الشمس لتصلّيها قائماً في وقتها کما فاتتک، فإنّ اللَّه تعالي يجيبک لطاعتک للَّه ولرسوله».

فسأل أمير المؤمنين عليه السلام اللَّه في ردّ الشمس: فردّت عليه حتّي صارت في موضعها من السماء وقت صلاة العصر، فصلّي أمير المؤمنين عليه السلام صلاة العصر في وقتها ثمّ غربت.

فقالت أسماء: أم واللَّه لقد سمعنا لها عند غروبها صريراً کصرير المنشار في الخشبة.

وکان رجوعها عليه بعد النبيّ صلي الله عليه و آله: أنّه لمّا أراد أن يَعبُر الفرات ببابل، اشتغل کثيرٌ من أصحابه بتعبير دوابِّهم و رِحالهم، و صلّي عليه السلام بنفسِه في طائفةٍ معه العصر، فلم يفرغ النّاسُ من عبورِهم حتي غَربت الشّمس، ففاتت الصّلاة کثيراً منهم، و فات الجمهور فضلُ الاجتماع معه، فتکلّموا في ذلک. فلمّا سمعَ کلامَهم فيه سألَ اللَّه تعالي ردَّ الشَّمسِ عليه، ليجتمع (لتجمع) کافّة أصحابه علي صلاة العصر في وقتها، فأجابَه اللَّه تعالي إلي ردِّها عليه، فکانت في الأُفق علي الحال الّتي تکونُ عليها وقت العصر، فلمّا سلّمَ بالقوم غابت فسُمِعَ لها وَ جِيبٌ[2] شديدٌ هالَ النّاسَ ذلک، و أکثروا من التسبيحِ و التهليل و الاستغفار و الحمد للَّه علي نعمتِه الّتي ظهرتْ فيهم.

و سارَ خبرُ ذلک في الآفاق و انتشرَ ذِکرُه في النّاسِ، و في ذلک يَقولُ السيِّدُ بنُ محمّدٍ الحميري رحمه الله:


رُدّتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ لَمَّا فاتَهُ
وَقْتُ الصَّلاةِ وَقَد دَنَتْ لِلْمَغْرِبِ


حَتَّي تَبَلَّجَ نُوْرُهَا في وَقْتِهَا
لِلْعَصْرِ ثُمَّ هَوَتْ هَويَّ الکَوکَبِ


وَ عَلَيْهِ قَدْ رُدَّتْ بَبَابِلَ مَرَّةً
أُخْري وَ مَا رُدَّتْ لِخَلْقٍ مُعْرِبِ


إلَّا لِيُوشَعَ أوْلَهُ مِنْ بَعْدِهِ
و لِرَدِّهَا تَأوِيْلُ أَمْرٍ مُعْجِبِ







  1. البحار 42:21.
  2. الوجيب: صوت السقوط. انظر «مجمع البحرين - وجب - 180: 2».