علي يُطلع رأسه في البئر ليبثّ شكواه











علي يُطلع رأسه في البئر ليبثّ شکواه



لقد بلغت مظلوميّة عليّ عليه السلام أوجها، ولم يکن معه من يبثّه شکواه، ولذلک کان يخرج إلي الصحراء ويدلي رأسه في البئر ويبثّ شکواه.

وفي البحار عن عليّ بن ميثم، عن ميثم، قال: أصحر بي مولاي أمير المؤمنين عليه السلام ليلة من الليالي، قد خرج من الکوفة، وانتهي إلي مسجد جعفي، توجّه إلي القبلة وصلّي أربع رکعات، فلمّا سلّم وسبّح بسط کفّيه، وقال: «إلهي کيف أدعوک وقد عصيتک»، إلي آخر الدعاء، ثمّ قام وخرج فاتّبعتُه حتّي خرج إلي الصحراء وخطّ لي خطّة، وقال: «إيّاک أن تجاوز هذه الخطّة»، ومضي عنّي وکانت ليلة مدلهمّة، فقلتُ: يا نفسي، أسلمت مولاک وله أعداء کثيرة، أيّ عذر يکون لک عند اللَّه وعند رسوله؟ واللَّه لأقفونّ أثره، ولأعلمنّ خبره، وإن کنتُ قد خالفتُ أمره، وجعلت اتّبع أثره فوجدته عليه السلام مُطلعاً رأسه في البئر إلي نصفه يخاطب البئر والبئر تخاطبه، فحسّ بي والتفت عليه السلام وقال: «مَن؟»، قلتُ: ميثم، قال: «يا ميثم، ألم آمرک أن لا تجاوز[1] الخطّة»، قلت: يا مولاي، خشيتُ عليک من الأعداء، فلم يصبر لذلک قلبي، فقال عليه السلام: «أسمعتَ ممّا قلتُ شيئاً؟»، قلتُ: لا، يا مولاي، فقال:

«يا ميثم:


وفي الصدر لبانات[2] .
إذا ضاق لها صدري


نکتُّ الأرض بالکفّ
وأبديت لها سرّي


فمهما تنبت الأرض
فذاک النبت من بذري»[3] .







  1. في نسخة: «أن لا تتجاوز».
  2. جمع لبانة: الحاجة من غير فاقة، بل من همّة.
  3. بحار الأنوار 199:40.