المنافقون يصبّون ما أضمروه من الضغائن أيّام النبيّ علي عليّ











المنافقون يصبّون ما أضمروه من الضغائن أيّام النبيّ علي عليّ



قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في خبر: «يا عليّ، اتّق الضغائن الّتي في صدور من لا يظهرها إلّا بعد موتي، اُولئک يلعنهم اللَّه ويلعنهم اللاعنون»، ثمّ بکي النبيّ صلي الله عليه و آله فقيل: مِمّ بکاؤک يا رسول اللَّه؟ قال: «أخبرني جبرئيل أنّهم يظلمونه ويمنعونه حقّه، ويقاتلونه، ويقتلون ولده، ويظلمونهم بعده».[1] .

قال ابن أبي الحديد في توضيح الحديث: واعلم أنّ کلّ دم أراقه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بسيف عليّ عليه السلام وبسيف غيره، فإنّ العرب بعد وفاته عصبت تلک الدماء بعليّ بن أبي طالب عليه السلام وحده؛ لأنّه لم يکن في رهطه من يستحقّ في شرعهم وسنّتهم وعادتهم أن تعصب به تلک الدماء إلّا بعليّ وحده، وهذه عادة العرب إذا قُتل منها قتلي طالبت بتلک الدماء القاتل، فإن مات أو تعذّر عليها مطالبته، طالبت بها أمثل الناس من أهله، إلي أن قال: سألت النقيب أبا جعفر يحيي بن أبي زيد فقلت له: إنّي لأعجبُ من عليّ عليه السلام کيف بقي تلک المدّة الطويلة بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وکيف ما اغتيل وفتک به في جوف منزله، مع تلظّي الأکباد عليه؟! فقال: لولا أنّه أرغم أنفه بالتراب، ووضع خدّه في حضيض الأرض لقتل، ولکنّه أخمل نفسه واشتغل بالعبادة والصلاة والنظر في القرآن، وخرج عن ذلک الزيّ الأوّل، وذلک الشعار ونسي السيف، وصار کالفاتک يتوب ويصير سائحاً في الأرض، أو راهباً في الجبال، ولمّا أطاع القوم الّذين ولّوا الأمر.. ترکوه وسکتوا عنه، ولم تکن العرب لتقدّم عليه إلّا بمواطأةٍ من متولّي الأمر، وباطنٍ في السرّ منه، فلمّا لم يکن لِوُلاة الأمر باعث وداعٍ إلي قتله وقَع الإمساک عنه، ولولا ذلک لقُتل، ثمّ أجّل بعد معقل حصين.[2] .







  1. البحار 45:28.
  2. شرح ابن أبي الحديد 300:13.