اخباره عن قصّة شهادته











اخباره عن قصّة شهادته



لمّا فرغ عليه السلام من قتال الخوارج، عاد إلي الکوفة في شهر رمضان، فأمّ المسجد فصلّي رکعتين، ثمّ صعد المنبر فخطب خطبة حسناء، ثمّ التفت إلي ابنه الحسن عليه السلام فقال: «يا أبا محمّد، کم مضي من شهرنا هذا؟ فقال: ثلاثة عشر يا أمير المؤمنين». ثمّ سأل الحسين عليه السلام فقال: «يا أبا عبداللَّه، کم بقي من شهرنا هذا، يعني رمضان؟ فقال: سبعة عشر يا أمير المؤمنين، فضرب يده إلي لحيته وهي يومئذٍ بيضاء فقال: لَيُخَضبنّها بدمها إذا انبعثَ أشقاها»، ثمّ قال:


اُريد حِباءَهُ ويُريدُ قَتلي
عذيرک من خليلک من مرادي


وعبدالرحمن بن ملجم المرادي (لعنه اللَّه) يسمع، فوقع في قلبه من ذلک شي ء، فجاء حتّي وقف بين يدي عليّ عليه السلام وقال: اُعيذک باللَّه يا أمير المؤمنين هذه يميني وشمالي بين يديک فاقطعهما أو فاقتلني؟ فقال عليّ عليه السلام: «وکيف أقتلک ولا ذنب لک إليّ، ولو أعلم أنّک قاتلي لم أقتلک، ولکن هل کانت لک حاضنة يهوديّة؟ فقالت لک يوماً من الأيّام: يا شقيق عاقر ناقة ثمود؟»، قال: قد کان ذلک يا أمير المؤمنين، فسکت عليّ عليه السلام.

فلمّا کانت ليلة ثلاث وعشرين من الشهر[1] قام ليخرج من داره إلي المسجد لصلاة الصبح وقال: إنّ قلبي يشهد بأنّي مقتول في هذا الشهر، ففتح الباب فتعلّق الباب بمئزر فجعل ينشد:


اُشدد حيازيمک فإنّ الموت لاقيک
ولا تجزع من الموت إذ حلّ بناديک


فخرج فقتل (صلوات اللَّه عليه.[2] .

وفي (إثبات الهداة): عن (الکافي): عن الحسن بن الجهم قال: قلت للرضا عليه السلام: إنّ أمير المؤمنين عليه السلام قد عرف قاتله، والليلة الّتي يقتل فيها، والموضع الّذي يُقتل فيه، وقوله لمّا سمع صياح الأوز في الدار: صوائح تتبعها نوائح. وقول اُمّ کلثوم: لو صلّيتَ الليلة داخل الدار وأمرتَ غيرکَ أن يُصلّي بالنّاس. وکثر دخوله وخروجه تلک الليلة بلا سلاح، وقد عرف أنّ ابن ملجم قاتله بالسيف، کان هذا ممّا لم يجز تعرّضه؟ فقال الرضا عليه السلام - في جوابه -: «ذلک کان ولکنّه خير في تلک الليلة لتمضي مقادير اللَّه عزّ وجلّ».[3] .

وفيه أيضاً عن (الکافي): عن إبراهيم بن يحيي المدني، عن أبي عبداللَّه عليه السلام - في حديث -: إنّ رجلاً من علماء اليهود سأل عليّاً عليه السلام عن مسائل - إلي أن قال: - أخبرني کم يعيش وصيّ محمّد بعده، وهل يموت موتاً أو يُقتل قتلاً؟

فقال له: «ويحک يا يهوديّ، أنا وصيّ محمّد صلي الله عليه و آله أعيش بعده ثلاثين سنة، لا أنقص يوماً ولا أزيد، ثمّ ينبعث أشقاها شقيق عاقر ناقة ثمود، فيضربني ضربة هاهنا في قرني، فتخضب منه لحيتي»، ثمّ ذکر: أنّه أسلم.[4] .

و روي الشيخ المفيد و ابن الصباغ و الخوارزمي عن ثقات الرواة: أنّه عليه السلام کان يفطر في هذا الشهر ليلة عند الحسن، وليلة عند الحسين وليلة عند ابن عبّاس (عبداللَّه بن جعفر نسخة) لا يزيد علي ثلاث لقم، فقال له أحد ولديه الحسن والحسين في ذلک فقال: «يا بُنيّ يأتي أمرُ اللَّه وأنا خميص، إنّما هي ليلة أو ليلتين»، فاُصيب من الليل.[5] .







  1. هناک اختلاف بين المؤرّخين في الليلة الّتي ضرب عليه السلام والأشهر أنّها ليلة التاسعة عشر، وارتحل إلي جوار اللَّه تعالي في ليلة إحدي وعشرين.
  2. کشف الغمّة - باب المناقب 379:1.
  3. إثبات الهداة 429:4.
  4. المصدر المتقدّم: 454.
  5. الإرشاد للمفيد 320:1، والفصول المهمّة لابن الصبّاغ: 139، ومناقب الخوارزمي: 392، ح410.