نبذة ممّا برز من سيرته اتجاه القضاة











نبذة ممّا برز من سيرته اتجاه القضاة



نذکر في هذا الفصل نبذة من مخالفات القضاة وموقف عليّ عليه السلام تجاههم حتّي يعرف القرّاء الکرام أنّ عمله عليه السلام کقوله سواء.

1- في (شرح ابن أبي الحديد) و (فرائد السمطين): عن عبداللَّه بن عمر، قال: استعدي رجل علي عليّ بن أبي طالب عليه السلام عمر بن الخطّاب، وعليّ جالس، فالتفت عمر إليه، فقال: قم - يا أبا الحسن - فاجلس مع خصمک، فقام فجلس معه وتناظرا، ثمّ انصرف الرجل ورجع عليّ عليه السلام إلي محلّه، فتبيّن عمر التغيّر في وجهه، فقال: يا أبا الحسن، ما لي أراک متغيّراً، أکرهتَ ما کان؟ قال عليه السلام: «نعم». قال عمر: وما ذاک. قال عليه السلام: «کنّيتني بحضرة خصمي، هلّا قلت: قم - يا عليّ - فاجلس مع خصمک»، فاعتنق عمر عليّاً وجعل يقبّل وجهة، وقال: بأبي أنتم! بکم هدانا اللَّه، وبکم أخرجنا من الظلمة إلي النور.[1] .

2- و في (الاحقاق) عن ابن الاخوّة في کتاب (معالم القربة في أحکام الحسبة)، قال: يحکي أنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام ولّي أبا الأسود الدؤلي القضاء ساعة من نهار ثمّ عزله. فقال له: لِمَ عزلتني، فواللَّه! ما خُنتُ ولا خُوّنتُ؟ قال: «بلغني أنّ کلامک يعلو کلام الخصمين إذا تحاکما إليک».[2] .

فعلي الولاة ورؤساء القضاء في الحکومات الإسلاميّة الاقتداء بهَدْي إمامهم عليّ عليه السلام والسير بسيرته، وأن يراقبوا جهاز القضاء مراقبة دقيقة، ويتحرّوا عن القائمين عليه کي لا يتعسّفوا في الحکم علي المتخاصمين ولا يرهبوا المراجعين أو يعنّفوهم. وإذا علموا بتخلّف موظّفيهم وبّخوهم أو عزلوهم لکي تحافظ الحکومة علي مسير الحقّ والعدل.

3- وروي أبو إسحاق الثقفي الکوفي في (الغارات): بسنده عن محمّد بن سيرين، عن شريح، قال: بعث إليَّ عليّ عليه السلام: «أن اقض بما کنت تقضي حتّي يجتمع أمر النّاس».[3] .

4- وروي أبو إسحاق عن الحسن بن حيّ، قال: سمعت ابن أبي ليلي يقول: إنّ عليّاً عليه السلام رزق شريحاً القاضي خمسمائة.[4] .

5- وروي أيضاً عن الشعبي، قال: وجد عليّ عليه السلام درعاً له عند نصراني، فجاء به إلي شريح يخاصمه إليه... فقال عليّ عليه السلام: «إنّ هذه درعي لم أبع ولم أهب».

فقال شريح للنصراني: ما يقول أمير المؤمنين؟ فقال النصراني: ما الدرع إلّا درعي، وما أمير المؤمنين عندي بکاذب. فالتفت شريح إلي عليّ عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين، هل من بيّنة؟! قال: «لا»، فقضي بها للنصراني، فمشي هنيئّة[5] ثمّ أقبل، فقال: أمّا أنا فأشهد أنّ هذه أحکام النبيّين، أمير المؤمنين يمشي بي إلي قاضيه! وقاضيه يقضي عليه! أشهد أن لا إلّا اللَّه وحده لا شريک له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، الدرع واللَّه درعک يا أمير المؤمنين، انبعث الجيش وأنتَ منطلق إلي صفّين فخرّت من بعيرک الأورق[6] قال: «أمّا إذا أسلمتَ فهي لک»، وحمله علي فرس.[7] .







  1. شرح ابن أبي الحديد 65:17، و في فرائد السمطين 348:1، ح 273، نحوه.
  2. الإحقاق 548:8.
  3. الغارات 121:1.
  4. الغارات 121:1.
  5. قليلاً من الزمان.
  6. الأورق: الأسمر من الإبل الّذي في لونه سواد إلي بياض، ومنه: جمل أورق.
  7. الغارات 124:1، فقد مرّ تقاضيه مع اليهودي عند القاضي في فصل «سيرة عليّ (ع) مع أهل الذمّة» فراجع.