الآيات











الآيات



1- قوله تعالي: «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَولِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْکَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِکَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَکِيمٌ».[1] .

فالحکم في الآية عامّ لکلّ مؤمنٍ ومؤمنة، ولا يحتاج إلي الإذن من الحاکم، وهو في هذا کإقامة الصلاة وإيتاء الزکاة، والظاهر من الولاية في الآية: «بَعْضُهُمْ أَولِياءُ بَعْضٍ» أنّها سلطة الشخص وأولويّته، فاللَّه تعالي بولايته العامّة علي عباده جعل لکلِّ مؤمن ومؤمنة حقّ الولاية والسلطة علي غيره، ليکون له حقّ الأمر والنهي، غاية الأمر أنّ الولاية لها مراتب، والولاية في الآية محدودة بمقدار جواز الأمر والنهي، والظاهر منها هو الأمر والنهي بالقلب واللسان لا باليد وما فوقها.

2- قوله تعالي: «کُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلْنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْکَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْکِتَابِ لَکَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَکْثَرَهُمُ الْفَاسِقُونَ».[2] .

والظاهر أنّ الخطاب للمسلمين، والمراد بالنّاس جميعُ النّاس من المسلمين وغيرهم، والإخراج في قوله تعالي: «أُخْرِجَتْ» هو الخلق والإظهار، والمعني - واللَّه العالم -: أنّ المسلمين بما هم مسلمون خير اُمّةٍ خُلقت واُخْرِجَت لنفع المجتمعات البشريّة، وملاک کونهم خيرُ الاُمم: نشرهم للمعروف، وردعهم عن المنکر، وإصلاحهم المجتمعات.

روي عن النبيّ صلي الله عليه و آله أنّه قال: «أنتم وَفّيتُم سبعين اُمّة، أنت خيرُها، وأکرمها علي اللَّه».[3] .

3- قوله تعالي: «التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاکِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْکَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ».[4] .

فالموضوع في الآية جميع المؤمنين وليس جمعاً خاصّاً منهم، کما يظهر ذلک من الآية الّتي قبلها، أعني قوله تعالي: «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ».[5] لکن بعد تحقّق الأوصاف المذکورة من التوبة والعبادة والحمد والرکوع والسجود، يأمر وينهي، فهذه ثلاثة آياتٍ ظاهرة في کون الفريضة المذکورة، فريضة عامّة کسائر الفرائض، ولا تشترط بشروط ولا تحدّ بحدود، وحدودها صرف الإنکار بالقلب عند مشاهدة المنکر، وإظهاره باللسان فيما يجب الأمر به أو النهي عنه.

أمّا إذا توقّف علي الضرب والجرح وما فوقهما فالظاهر أنّه لا يجوز، وعلي الأقلّ فهما لا يجبان إلّا مع إذن الحاکم المسلّط علي الاُمور.

ويستفاد من بعض الآيات کون الوجوب فيها يتلعّق بجمع خاصّ، منها:

4- قوله تعالي: «وَلِتَکُن مِنکُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلي الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْکَرِ وَأُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».[6] .

فالمستفاد من الآية أنّه يجب علي جميع المسلمين السعي في تحديد جماعة خاصّة من المسلمين لهذا الشأن، ويؤيّد ذلک بعض ما ورد في الاحاديث کما سيأتي.

5- قوله تعالي: «الَّذِينَ إِن مَکَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّکَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنکَرِ وَللَّهِِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ».[7] .

والأمر بالمعروف والنهي عن المنکر في الآية يتوقّفان علي القدرة والتمکّن لا مطلقاً، وهذه القدرة يتمتّع بها جماعة خاصّة لا عامّة المسلمين.

6- قوله تعالي: «الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَکْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّورَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْکَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي کَانَتْ عَلَيْهِمْ».[8] فهذه الآية دالة علي وجوب الامر بالمعروف و النهي عن المنکر لمن يتبع النبيّ صلي الله عليه و آله.







  1. سورة التوبة: 71.
  2. سورة آل عمران: 110.
  3. تفسير مجمع البيان 486: 2.
  4. سورة التوبة: 112.
  5. سورة التوبة: 111.
  6. سورة آل عمران: 104.
  7. سورة الحجّ: 41.
  8. سورة الأعراف: 157.