قصة سودة بنت عمارة
فقال معاوية: إيّاي تعنين، ولي تهدّدين بقومک! لقد هممت - يا سودة - أن أحملک علي قتب أشوس فأردّک إليه، فينفّذ حکمه فيک، فأطرقت - سودة - ثمّ أنشأت تقول: صلّي الإله علي جسم تضمّنه قد حالف الحقّ لا يبغي به بدلاً فقال معاوية: مَن هذا يا سودة؟ فقالت: هذا واللَّه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، لقد جئته في رجل کان قد ولّاه صدقاتنا، فجار علينا، فصادفته قائماً يريد صلاة، فلمّا رآني انفتل من صلاته، ثمّ أقبل علَيَّ بوجه طلق، ورحمة ورفق، وقال: «لک حاجة؟»، فقلت: نعم، وأخبرته بالأمر، فبکي، ثمّ قال: «اللّهمّ أنت الشاهد علَيَّ وعليهم، إنّي لم آمرهم بظلم خلقک، ولا بترک حقّک»، ثمّ أخرج من جيبه قطعة جلد وکتب فيها: بسم اللَّه الرحمن الرحيم «قَدْ جَاءَتْکُمْ بَيِّنَةٌ مِن رَبِّکُمْ فَأَوْفُوا الْکَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذلِکُمْ خَيْرٌ لَکُمْ إِنْ کُنتُمْ مُؤْمِنِينَ»[2] وإذا قرأت کتابي هذا فاحتفظ بما في يدک من عملک حتّي نقدم عليک مَن يقبضه، والسلام»، ثمّ دفع إلَيَّ الرقعة، فجئت بالرقعة إلي صاحبه، فانصرف عنّا معزولاً. فقال معاوية: اکتبوا لها بما تريد، واصرفوها إلي بلدها غير شاکية.[3] . و قد ذکرنا هذه القصة في فصل «عليّ عليه السلام و اعانة المظلوم و اغاثة الملهوف» و في فصل «عليّ عليه السلام و اصحابه الکرام» کما سيأتي.
في (الفصول المهمّة) لابن الصبّاغ المالکي: بسنده عن سودة بنت عمارة الهمدانيّة (رحمة اللَّه عليها): أنّها قدمت علي معاوية بعد موت عليّ عليه السلام، فجعل معاوية يؤنّبها علي تعريضها[1] عليه في أيّام قتال صفّين ثمّ إنّه قال لها: ما حاجتک؟ فقالت: إنّ اللَّه تعالي مسائلک عن أمرنا، وما فرض عليک من حقّنا، وما فوّض إليک من أمرنا، ولا يزال يقدم علينا من قِبلک من يسمو بمقامک، ويبطش بسلطانک، فيحصدنا حصد السنبل، ويدوسنا دوس الحرمل، يسومنا الخسف، ويذيقنا الحتف، هذا بُسر بن أرطأة قد قدم علينا فقتل رجالنا، وأخذ أموالنا، ولولا الطاعة لکان فينا عزّ ومنعة، فإن عزلته عنّا شکرناک، وإلّا فإلي اللَّه شکوانا.
قبر فأصبح فيه العدل مدفونا
فصار بالحقّ والإيمان مقرونا