بدء ظهور الغلاة
وروي أبو العبّاس أحمد بن عبيداللَّه، عن عمّار الثقفي، عن عليّ بن محمّد بن سليمان النوفلي، عن أبيه وعن غيره من مشيخته، أنّ عليّاً عليه السلام قال: «يهلک فيّ رجلان، محبّ مُطرٍ يضعني غير موضعي، ويمدحني بما ليس فيَّ، ومبغض مفتر يرميني بما أنا منه بري ءٌ». وقال أبو العبّاس: وهذا تأويل الحديث المروي عن النبيّ صلي الله عليه و آله فيه، وهو قوله صلي الله عليه و آله: «إنّ فيک مثلاً من عيسي بن مريم، أحبّته النصاري فرفعته فوق قدره، وأبغضته اليهود حتّي بهتت اُمّه».[1] . وفي الوسائل: عن رجال الکشّي، بإسناده عن عبداللَّه بن سنان، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: «إنّ عبداللَّه بن سبأ کان يدّعي النبوّة، وکان يزعم أنّ أمير المؤمنين عليه السلام هو اللَّه - تعالي عن ذلک - فبلغ أمير المؤمنين عليه السلام فدعاه فسأله فأقرّ، وقال: نعم أنت هو، وقد کان اُلقي في روعي أنّک أنتَ اللَّه وأنا نبيّ. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: «ويلک، قد سخر منک الشيطان، فارجع علي هذا - ثکلتک اُمّک - وتب»، فأبي، فحبسه، واستتابه ثلاثة أيّام فلم يتب، فأخرجه فأحرقه بالنّار.[2] .
قال الشارح المعتزلي: وأوّل من جهر بالغلوّ في أيّامه عليه السلام عبدُاللَّه بن سبأ، قام إليه وهو يخطب: فقال له: أنتَ، أنتَ، وجعل يکرّرها. فقال له: «ويلک! مَن أنا؟». فقال: أنت اللَّه، فأمر بأخذه و أخذ قومٍ کانوا معه علي رأيه.