سماحته ومداراته لهم لمّا واقفهم بالنهروان











سماحته ومداراته لهم لمّا واقفهم بالنهروان



روي ابن أبي الحديد عن ابي العبّاس محمّد بن يزيد المبرّد في (الکامل)، قال: لمّا واقفهم عليّ عليه السلام بالنهروان، قال: «لا تبدؤهم بقتال حتّي يبدؤوکم»، فحمل منهم رجل علي صفّ عليّ عليه السلام فقتل منهم ثلاثة، ثمّ قال:


اقتلهم ولا أري عليّاً
ولو بدا أوجرته الخطِّيا


فخرج إليه عليّ عليه السلام فضربه فقتله، فلمّا خالطه سيفه، قال: يا حبّذا الروحة إلي الجنّة، فقال عبداللَّه بن وهب: واللَّه! ما أدري إلي الجنّة أم إلي النّار؟! فقال رجل منهم من بني سعد: إنّما حضرتُ اغتراراً بهذا الرجل - يعني عبداللَّه - وأراه قد شکّ واعتزل عن الحرب بجماعة من النّاس، ومال ألفٌ منهم إلي جهة أبي أيّوب الأنصاري، وکان علي ميمنة عليّ عليه السلام. فقال عليّ عليه السلام لأصحابه: «احملوا عليهم، فواللَّه! لا يُقتل منکم عشرة، ولا يسلم منهم عشرة»، فحمل عليهم فطحنهم طحناً، قُتل من أصحابه عليه السلام ستة، وأفلت من الخوارج ثمانية.[1] .

وفي (مروج الذهب) في حديث: ثمّ قال عليه السلام: «سيروا إلي القوم، فواللَّه! لا يفلت منهم إلّا عشرة، ولا يُقتل منکم إلّا عشرة»، فسار عليّ عليه السلام فأشرف عليهم وقد عسکروا بالموضع المعروف بالرميلة علي ما قال لأصحابه.

فلمّا أشرف عليهم، قال: «اللَّه أکبر، صدق (اللَّه و) رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فتصافّ القوم، ووقف عليهم نفسه، فدعاهم إلي الرجوع والتوبة، فأبوا ورموا أصحابه، فقيل له: قد رمونا. فقال: «کفّوا»، فکرّروا القول عليه ثلاثاً، وهو يأمرهم بالکفّ، حتّي اُتي برجل قتيل متشحّط بدمه، فقال عليّ عليه السلام: «اللَّه أکبر، الآن حلّ قتالهم، احملوا علي القوم». فحمل رجل من الخوارج علي أصحاب عليّ، فخرج فيهم وجعل يغشي کلّ ناحية ويقول:


أضربهم ولو أري عليّاً
ألبسته أبيض مشرفيّا


فخرج إليه عليّ عليه السلام وهو يقول:


«يا أيُّهذا المبتغي عليّاً
إنّي أراک جاهلاً شقيّا


قد کنت عن کفاحه غنيّاً
هَلُمّ فابرز هاهنا إليّا»


وحمل عليه عليّ عليه السلام، فقتله، الحديث.[2] .

و غير ذلک من مداراته عليه السلام مع معارضيه و ترکناها لرعاية الاختصار و توخياً عن التطويل الممل.







  1. شرح ابن أبي الحديد 272:2.
  2. مروج الذهب للمسعودي 416:2.