مداراته الخوارج حينما اجتمعوا في الكوفة











مداراته الخوارج حينما اجتمعوا في الکوفة



روي الشارح الخوئي عن کتاب (صفّين): بسنده عن عمر مولي غفرة، قال: لمّا رجع عليّ من صفّين إلي الکوفة، أقام الخوارج حتّي جموا، ثمّ خرجوا إلي صحراء بالکوفة تسمّي حروراء، فتنادوا: لا حکم إلّا للَّه ولو کره المشرکون، ألا إنّ عليّاً ومعاوية أشرکا في حکم اللَّه. فأرسل عليّ عليه السلام إليهم عبداللَّه بن عبّاس، فنظر في أمرهم وکلّمهم ثمّ رجع... وأرسل إليهم: «ما هذا الّذي أحدثتم وما تريدون؟». قالوا: نريد أن نخرج نحن وأنت ومن کان معنا بصفّين ثلاث ليال ونتوب إلي اللَّه من أمر الحکمين، ثمّ نسير إلي معاوية فنقاتله حتّي يحکم اللَّه بيننا وبينه؟! فقال عليّ عليه السلام: «فهلّا قلتم حين بعثنا الحکمين وأخذنا منهم العهد وأعطيناهموه ألا قلتم هذا حينئذٍ؟». قالوا: کنّا قد طالت الحرب علينا، واشتدّ البأس، وکثرت الجراح، وکَلَّ الکراع[1] والسلاح.

فقال لهم عليه السلام: «أفحين اشتدّ البأس عليکم عاهدتم، فلمّا وجدتم الجمام[2] قلتم: ننقض العهد؟ إنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله کان يفي للمشرکين، أفتأمرونني بنقضه؟». فمکثوا مکانهم لا يزال الواحد منهم يرجع إلي عليّ عليه السلام، ولا يزال الآخر منهم يخرج من عند عليّ عليه السلام، فدخل الواحد منهم علي عليّ عليه السلام بالمسجد، والنّاس حوله، فصاح: لا حکم إلّا للَّه ولو کره المشرکون، فتلفّت النّاس، فقال: لا حکم إلّا للَّه ولو کره المتلفّتون، فرفع عليّ عليه السلام رأسه إليه، فقال: «لا حکم إلّا للَّه، ولو کره أبو حسن»، فقال عليه السلام: «إنّ أبا حسن لا يکره أن يکون الحکم للَّه»، ثمّ قال: «حکم اللَّه أنتظر فيکم»، فقال النّاس: «هلّا مِلتَ يا أمير المؤمنين علي هؤلاء النّاس، فأفنيتهم؟ فقال: «إنّهم لا يفنون، ا نّهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء إلي يوم القيامة».[3] .







  1. الکراع من الدابّة: قوائمها، وهو اسم لجماعة الخيل أيضاً.
  2. الجَمَام: الراحة.
  3. شرح الخوئي 122:4، عن شرح ابن أبي الحديد.