ندامة عائشة بعد مراجعتها عن البصرة











ندامة عائشة بعد مراجعتها عن البصرة



عن العلّامة سبط ابن الجوزي في (التذکرة)، قال: قال هشام بن محمّد: فجهّزها - أي عائشة - علي أحسن الجهاز، ودفع لها مالاً کثيراً، وبعث معها أخاها عبدالرحمن في ثلاثين رجلاً وعشرين امرأة من أشراف البصرة وذوات الدين من همدان وعبدالقيس، وألبسهنّ العمائم، وقلّدهنّ السيوف بزيّ الرجال، وقال عليه السلام لهنّ: «لا تعلمنها إنّکنّ نسوة وتلثمنّ وکنّ حولها، ولا يقربنّها رجل».

وسرن معها علي هذا الوصف، فلمّا وصلت إلي المدينة قيل لها: کيف کان مسيرک؟ فقالت عائشة: بخير - واللَّه - لقد أعطي فأکثر، ولکنّه بعث رجالاً معي أنکرتهم، فبلغ ذلک النسوة، فجئن إليها وعرّفنها أنّهنّ نسوة، فسجدت وقالت: واللَّه - يابن أبي طالب - ما زددت إلّا کرماً، وودت أنّي لم أخرج هذا المخرج، وأنّي أصابني کيت وکيت.

قال ابن الکلبي: وکانت إذا ذکرت يوم الجمل بکت، حتّي تبلّ خمارها وتأخذ بحلقها کأنّها تخنق نفسها، وکانت إذا ذکرت اُمّ سلمة تذکر نهيها لها وتبکي.[1] .

وقال هشام بن محمّد: إنّما ردّ عليّ عليه السلام عائشة إلي المدينة امتثالاً لأمر رسول اللَّه صلي الله عليه و آله.[2] .

وفيه أيضاً: أشار هشام إلي ما روي أحمد بن حنبل بسنده عن أبي رافع: أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قال لعليّ بن أبي طالب عليه السلام: «سيکون بينک وبين عائشة أمر»، قال: «فإذن أنا أشقاهم؟»، قال: «لا، ولکن إذا جري ذلک فارددها إلي مقامها». قال هشام: فکانت عائشة تبکي بعد يوم الجمل وتقول: يا ليتني کنت نسياً منسيّاً، أي الحيضة الملقاة.[3] .







  1. وکانت اُمّ سلمة قد نصحت عائشة بعدم الخروج إلي عليّ عليه السلام، فخالفتها.
  2. تذکرة الخواص لسبط ابن الجوزي: 80.
  3. تذکرة الخواص: 81.