اذا ورد عليه مال لم يبق منه شيئاً إلّا قسّمه











اذا ورد عليه مال لم يبق منه شيئاً إلّا قسّمه



1- في (الاستيعاب) لابن عبدالبرّ المالکي: وإذا اُورد عليه مال لم يبق منه شيئاً إلّا قسّمه، ولا يترک في بيت المال منه إلّا ما يعجز عن قسمته في يومه ذلک، ويقول: «يا دنياي غُرّي غيري»، ولم يکن يستأثر من الفي ء بشي ءٍ، ولا يخصُّ به حميماً ولا قريباً، ولا يخصّ بالولايات إلّا أهل الديانات والأمانات، وإذا بلغه عن أحدهم خيانة کتب إليه: «قَدْ جَاءَتْکُمْ مَوْعِظَةٌ مِن رَبِّکُمْ»[1] «فَأَوْفُوا الْکَيْلَ وَالْمِيزَانَ»[2] وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذلِکُمْ خَيْرٌ لَکُمْ إِنْ کُنتُمْ مُؤْمِنِينَ»[3] «بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَکُمْ إِن کُنتُم مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْکُمْ بِحَفِيظٍ»[4] إذا أتاک کتابي هذا فاحفظ بما في يديک من عملنا حتّي نبعث إليک من يتسلّمه منک»، ثمّ يرفع طرفه إلي السماء فيقول: «اللّهمّ إنّک تعلم أنّي لم آمرهم بظلم خلقک ولا يترک حقّک».[5] .

2- وفي (أمالي الصدوق): بسنده عن أبي حمزة الثمالي، عن الأصبغ بن نباتة، أنّه قال: کان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام إذا اُتي بالمال أدخله بيت مال المسلمين، ثمّ جمع المستحقّين، ثمّ ضرب يده في المال فنثره يمنة ويسرة، وهو يقول: «يا صفراء يا بيضاء، لا تغرّيني، غُرّي غيري».


«هذا جناي وخياره فيه
إذ کلّ جان يده إلي فيه»


ثمّ لا يخرج حتّي يفرّق ما في بيت مال المسلمين ويؤتي کلّ ذي حقٍّ حقّه، ثمّ يأمر أن يکنس ويرشّ ثمّ يُصلّي فيه رکعتين، ثمّ يُطلّق الدنيا ثلاثاً، يقول بعد التسليم: «يا دُنيا، لا تتعرّضين لي، ولا تتشوّقين[6] ولا تغرّيني، فقد طلّقتُکِ ثلاثاً لا رجعة لي عليک».[7] .

3- وفي (کشف الغمّة) عن کتاب اليواقيت لأبي عمر الزاهد، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام وقد أمر بکنس بيت المال ورشِّه، فقال: «يا صفراء، غُرّي غيري. يا بيضاء، غُرّي غيري. ثمّ تمثّل شعراً:


«هذا جناي وخياره فيه
إذ کلّ جان يده إلي فيه»[8] .


4- وفي (شرح ابن أبي الحديد)، قال: وهو - يعني عليّاً عليه السلام - الّذي کان يکنس بيوت الأموال ويصلّي فيها، وهو الّذي قال: «يا صفراء ويا بيضاء، غُرّي غيري»، وهو الّذي لم يخلّف ميراثاً، وکانت الدنيا کلّها بيده إلّا ما کان من الشام.[9] .

5- وفي (الغارات): عن الضحّاک بن مزاحم، عن عليّ عليه السلام، قال: «کان خليلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لا يحبس شيئاً لغد، وکان أبو بکر يفعل، وقد رأي عمر بن الخطّاب في ذلک أن دَوَّن الدواوين وآخّر المال من سنة إلي سنة، وأمّا أنا فأصنع کما صنع خليلي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله».

قال: وکان عليّ عليه السلام يعطيهم من الجمعة إلي الجمعة، وکان يقول:


«هذا جناي وخياره فيه
إذ کلّ جان يده إلي فيه»[10] .


6- وفي (الوسائل): عن هلال بن مسلم، عن جدّه، قال: شهدتُ عليّ بن أبي طالب عليه السلام اُتي بمال عند المساء، فقال: «أقسموا هذا المال؟».

فقال: قد أمسينا يا أمير المؤمنين، فأخّره إلي غد، فقال لهم: «تتقبّلون إنّي أعيش إلي غدٍ؟». قالوا: وماذا بأيدينا؟ قال: «فلا تؤخّروه حتّي تقسّموه».

قال: فاُتي بشمع فقسّموا ذلک المال من غنائمهم.[11] .

7- وفي (الغارات): عن الشعبي[12] قال: دخلت الرحبة وأنا غلام في غلمان، فإذا أنا بأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام قائماً علي صبرتين من ذهب وفضّةٍ ومعه مخفقة[13] فجعل يطرد النّاس بمخفقته، ثمّ يرجع إلي المال فيقسمه بين النّاس حتّي لم يبق منه شي ء، ورجع ولم يحمل إلي بيته منه شيئاً، فرجعت إلي أبي فقلت: لقد رأيتُ اليوم خير النّاس أو أحمق النّاس، قال: ومَن هو يا بُنيّ؟ قلت: رأيت أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام، فقصصت عليه الّذي رأيته يصنع، فبکي وقال: يا بُنيّ، بل رأيت خير النّاس.[14] .







  1. سورة يونس: 57.
  2. اقتباس من سورة الأنعام: 152.
  3. سورة الأعراف: 85.
  4. سورة هود: 85 و 86.
  5. الاستيعاب بهامش الاصابة 48:3.
  6. کذا في المصدر والقياس: «لا تتعرّضي ولا تتشوّقي».
  7. أمالي الصدوق - المجلس السابع والأربعون: ح 16.
  8. کشف الغمّة - باب المناقب 221:1.
  9. شرح ابن أبي الحديد 22:1.
  10. الغارات 47:1، وسائل الشيعة 83:11.
  11. وسائل الشيعة 82:11.
  12. في البحار وشرح النهج: «العشفني» علي ما في هامش الغارات 54:1.
  13. المخفقة: الدرّة الّتي يُضرب بها.
  14. الغارات 53:1.