قصة النجاشي وشرب الخمر











قصة النجاشي وشرب الخمر



في تعليقات الغارات، عن عوانة بن الحکم، قال: خرج النجاشي في أوّل يوم من رمضان، فمرّ بأبي سمّاک الأسدي، وهو قاعد بفناء داره، فقال له: أين تريد؟ قال: اُريد الکناسة، قال: هل لک في رؤوس وأليات قد وضعت في التنور من أوّل الليل فأصحبت قد أينعت وتهرّأت، قال: ويحک في أوّل يوم من رمضان؟ قال: دعنا ممّا لا نعرف[1] قال: ثمّ مه؟ قال: ثمّ أسقيک من شراب کالورس يطيِّب النفس، ويجري في العرق ويزيد في الطرق، يهظم الطعام ويسهّل للفدم الکلام.

فنزل فتغذّيا، ثمّ أتاه بنبيذٍ فشرباه، فلمّا کان من آخر النهار علت أصواتهما ولهما جارٌ يتشيّع من أصحاب عليّ عليه السلام، فأتي عليّاً عليه السلام فأخبره بقصّتهما، فأرسل إليهما قوماً فأحاطوا بالدار، فأمّا أبو سماک فوثب إلي دور بني أسد فأفلت، وأمّا النجاشي فاُتي به عليّاً عليه السلام، فلمّا أصبح أقامه في سراويل فضربه ثمانين، ثمّ زاده عشرين سوطاً. فقال: يا أمير المؤمنين، أمّا الحدّ فقد عرفته، فما هذه العلاوة الّتي لا تعرف؟

قال عليه السلام: «لجرأتک علي ربّک، وإفطارک في شهر رمضان».[2] .

ولمّا حدّ عليّ عليه السلام النجاشي غضب لذلک مَن کان مع عليّ من اليمانيّة، وکان أخصّهم به طارق بن عبداللَّه بن کعب بن اُسامة النهدي، فدخل علي أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: يا أمير المؤمنين، ما کنّا نري أنّ أهل المعصية والطاعة، وأهل الفرقة والجماعة عند ولاة العدل ومعادن الفضل سيّان في الجزاء، حتّي رأيت ما کان من صنيعک بأخي الحارث، فأوغرتَ صدورنا، وشتّت اُمورنا، وحملتنا علي الجادة الّتي کنّا نري أنّ سبيل مَن رکبها النّار!

فقال عليّ عليه السلام: ««وَإِنَّهَا لَکَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَي الْخَاشِعِينَ».[3] يا أخا بني نهد، وهل هُو إلّا رجلٌ من المسلمين انتهک حرمةً من حُرَم اللَّه، فأقمنا عليه حدّاً کان کفّارته؟ إنّ اللَّه تعالي يقول: «وَلَا يَجْرِمَنَّکُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَي أَلَّا تَعْدِلُوا إِعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَي».[4] [5] .







  1. في الغارات 902:2، عن کتاب الشعر والشعراء، قال أبو سماک: ما شهر رمضان وشوّال إلّا واحد.
  2. الغارات 533:2.
  3. سورة البقرة: 45.
  4. سورة المائدة: 8.
  5. الغارات 539:2.