اما القصة الحديدة المحماة











اما القصة الحديدة المحماة



و في ذلک المجلس، سأل معاوية عقيلاً عن قصّة الحديدة المحماة المذکورة، فبکي، فقال: نعم أقويت وأصابتني مخمصة شديدة، فسألته فلم تندَ صفاتهُ، فجمعت صبياني وجئته بهم والبؤس والضرّ ظاهران عليهم، فقال: «ائتيني عشيّةً لأدفع إليک شيئاً»، فجئته يقودني أحد ولدي، فأمره بالتنحّي، ثمّ قال: «ألا فدونک»، فأهويت حريصاً قد غلبني الجشع أظنّها صرّة، فوضعتُ يدي علي حديدة تلتهب ناراً، فلمّا قبضتها نبذتها وخُرتُ کما يخور الثور تحت يد جازره، فقال لي: «ثکلتک اُمّک، هذا من حديدة أوقدت لها نار الدنيا، فکيف بک وبي غداً إن سُلکنا في سلاسل جهنّم!»، ثمّ قرأ: «إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ»[1] ثمّ قال: «ليس لک عندي فوق حقّک الّذي فرضه اللَّه لک إلّا ما تري، فانصرف إلي أهلک»، فجعل معاوية يتعجّب، ويقول: هيهات هيهات! عقمت النساء أن يلدن مثله![2] .







  1. سورة غافر: 71.
  2. شرح ابن أبي الحديد 253:11.