خلاصة من شرح حال عقيل وقصّته مع معاوية











خلاصة من شرح حال عقيل وقصّته مع معاوية



نذکرها هنا لمناسبتها مع أخيه عليّ عليه السلام وعدالته. روي ابن أبي الحديد في شرحه: عقيل بن أبي طالب أخو أمير المؤمنين عليه السلام لاُمّه وأبيه، وکان بنو أبي طالب أربعة: طالب، وهو أسنّ من عقيل بعشر سنين، وعقيل، وهو أسنّ من جعفر بعشر سنين، وجعفر، وهو أسنّ من عليّ بعشر سنين، وعليّ وهو أصغرهم سِنّاً، وأعظمهم قدراً، بل وأعظم النّاس بعد ابن عمّه قدراً، ثمّ قال و ما ملخّصه: وکان أبو طالب يحبّ عقيلاً أکثر من حبّه سائر بنيه، وکان عقيل يکنّي أبا يزيد؟ اُخرج عقيل إلي بدر مُکرَهاً کما اُخرج العبّاس، فاُسرَ وفُدي وعاد إلي مکّة، ثمّ أقبل مسلماً مهاجراً قبل الحديبية، وشهد غزاة مؤتة مع أخيه جعفر، وتوفّي في خلافة معاوية في سنة خمسين، وعمره ستّ وستّون سنة، وله دار بالمدينة معروفة.

خرج إلي العراق، ثمّ إلي الشام، ثمّ عاد إلي المدينة، ولم يشهد مع أخيه أمير المؤمنين عليه السلام شيئاً من حروبه أيّام خلافته، وعرض نفسه وولده عليه فأعفاه، ولم يکلّفه حضور الحرب، وکان أنسب قريش، وأعلمهم بأيّامها، کانت له طِنْفِسة تُطرحُ في مسجد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فيصلّي عليها ويجتمع إليه النّاس في علم النسب وأيّام العرب، وکان حينئذٍ قد ذهب بصرهُ، وکان أسرع النّاس جواباً وأشدّهم عارضةً.

ثمّ قال ابن أبي الحديد: واختلف النّاس في عقيل، هل التحق بمعاوية وأمير المؤمنين حيّ؟ فقال قوم: نعم، ورووا أنّ معاوية قال يوماً وعقيل عنده: هذا أبو يزيد، ولولا علمه أنّي خير له من أخيه لما أقام عندنا وترکه. فقال عقيل: أخي خير لي في ديني، وأنت خير لي في دنياي، وقد آثرت دنياي، أسأل اللَّه خاتمة الخير.

وقال قوم: إنّه لم يُعد إلي معاوية إلّا بعد وفاة أمير المؤمنين عليه السلام، واستدلّوا علي ذلک بالکتاب الّذي کتبه إليه في آخر خلافته، والجواب الّذي أجابه عليه السلام، فقال ابن أبي الحديد: وهذا القول هو الأظهر عندي.

ثمّ قال: وروي المدائني، قال: قال معاوية يوماً لعقيل بن أبي طالب: هل من حاجة فأقضيها لک؟ قال: نعم، جارية عُرضت علَيَّ، وأبي أصحابها أن يبيعوها إلّا بأربعين ألفاً، فأحبّ معاوية أن يمازحه، فقال: وما تصنع بجارية قيمتها أربعون ألفاً وأنت أعمي تجتزئ بجارية قيمتها خمسون درهماً؟

قال: أرجو أن أطأها فتلد لي غلاماً إذا أغضبته يضرب عنقک بالسيف، فضحک معاوية، وقال: مازحناک يا أبا يزيد، وأمر فابتيعت له الجارية الّتي أولد منها مسلماً، وساق الکلام إلي أن قال: وقال معاوية لعقيل: يا أبا يزيد، أين يکون عمّک أبو لهب اليوم؟ قال: إذا دخلت جهنّم فاطلبه تجده مضاجعاً لعمّتک اُمّ جميل بنت حرب بن اُميّة.[1] .







  1. شرح ابن أبي الحديد 252 - 250: 11.