قصة اُخري مع أخيه عقيل
ثمّ قال عليه السلام: «واللَّه! لقد رأيت عقيلاً وقد أملق حتّي استماحني[6] من بُرّکم صاعاً، ورأيت صبيانه شُعث[7] الشُّعور، غُبر[8] الألوان من فَقرِهم، کأنّما سُودّت وجوهُهُم بالعِظلم[9] وعاوَدني موکَّداً، وکرّر علَيَّ القول مُردّداً، فأصغيتُ إليه سمعي، فظنّ أنّي أبيعُه دِيني، وأتّبع قياده[10] مُفارِقاً طريقي، فأحميت له حديدةً ثمّ أدنيتها من جسمه ليعتبر بها، فضجَّ ضجيج ذي دنفٍ[11] من ألمها، وکاد أن يحترق من ميسمها.[12] فقلت له: ثکلتک الثواکل[13] - يا عقيل - أتئنّ من حديدة أحماها إنسانُها للعبِه، وتَجرُّني إلي نار سجّرَها جبّارُها لغضبه؟ أتئنّ من الأذي ولا أئنُّ من لظي.[14] . وساق کلامه عليه السلام إلي أن قال: «واللَّه! لو اُعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاکها علي أن أعصي اللَّه في نملةٍ أسلبها جلب شعيرةٍ[15] ما فعلتُه، وإنّ دنياکم عندي لأهون من ورقة في فم جَرادةٍ تَقضَمُها، ما لعليٍّ ولنعيمٍ يفني، ولذّةٍ لا تبقي، نعوذ باللَّه من سُبات العقل، وقُبحِ الزلل، وبه نستعين».[16] . وسيأتي سؤال معاوية من عقيل عن قصّة الحديدة المحماة.
وفي نهج البلاغة وغيره من کتاب السير والتاريخ: أنّ عقيلاً عندما طلب من أخيه عليّ عليه السلام أن يزيد في عطائه من بيت المال، أحمي حديدة وقرّبها منه، ومن أجل أن يُفهم أخاه أنّه يرفض الظلم والجور قال: «واللَّه! لأن أبيت علي حَسِک[1] السَّعدان[2] مُسهّداً[3] واُجرّ في الأغلال مُصَفّداً[4] أحبُّ إليَّ من ألقي اللَّه ورسولهُ يوم القيامةِ ظالماً لبعض العباد، وغاصِباً لشي ءٍ من الحُطام، وکَيفَ أظلم أحداً لنفسٍ يُسرِعُ إلي البلي قُفولها[5] ويطول في الثري حلولها؟».